الحبيب العمراني عامل بأحد المطاعم الشعبية بمدينة سوسة يحرص حسب الظروف التي تسمح له في كل مرة على ادخار مبلغ مالي تحسبا لأي ظرف طارئ. وكان لأجل هذا الغرض يتردد باستمرار على أحد البنوك بمدينة سوسة. وفي احدى زياراته الأخيرة (الى هذا البنك) كانت المفاجأة غير سعيدة !! اذ خلف حضوره خطأ من طرف أحد الموظفين في هذا البنك فقد أودع الحبيب مبلغا يقدر ب 120 دينارا وتسلم وصلا في ذلك ولكن ليس بنفس المبلغ الموجود حيث اكتشف الحبيب بعد خروجه من البنك بمدة زمنية ان المبلغ بالوصل هو 120 مليارا ! نعم اي اضافة الى مبلغه المدخر سابقا أصبح «سي الحبيب» مليارديرا من الوزن الثقيل وله وثيقة بنكية تثبت ذلك بالأرقام والحروف. بين شياطين الإنس والجان ! ورغم بساطة ظروفه الاجتماعية المادية فإن «سي الحبيب» غنم من هذه الدنيا سمعة طيبة لما يعرف عنه من طيبة قلب وثقة وأمانة وحرص على كسب لقمة عيشه بالحلال مهما واجه من ظروف صعبة فلم يترك للشيطان سبيلا للوسوسة ولكن عندما فوجئ بما حصل له لم يتمالك نفسه فقص الحكاية على زملائه في المطعم وشاع الخبر فتكاثرت عليه الاقتراحات منهم من حثه على تكليف محامين أكفاء حتى اذا استوجب الأمر إبقاء مليار واعطاءهم بقية المبلغ كأجرة ! وانصبت كل المقترحات على اعتبار انها فرصة العمر جاءت الى يديه ولا يجب ان يفرط فيها. صوت الضمير أقوى وبين صدمة المفاجأة وضغط الأصدقاء من «محرم» الى «محلل» لم يضع الحبيب نصب عينيه الا صورة صديقه الموظف البنكي الذي اخطأ في كتابة قيمة المبلغ وفي خضم كل ذلك اتصلت به ادارة البنك فذهب الحبيب بكل اريحية معترفا بالخطإ الحاصل طالبا اصلاحه في الحين مما زاد في تقدير مدير هذا البنك وبقية الموظفين لشخصه وثمنوا شهامته. الشيء من مأتاه لا يستغرب «الشروق» إلتقت «سي الحبيب» او «حبوب» كما يطيب للبعض «التربج» به بحكم انه «يدخل الى القلب بسرعة» ومحبوب جدا فاستفسرته عما حدث فأكد لنا بطرافته المعهودة ما حصل قائلا : «لقد أضاف الي الموظف البنكي اصفارا مضاعفة» قد يكون مرهقا وهو من أوفى أصدقائي ولم أجد منه ومن كل الموظفين بهذا البنك طوال حياتي الا المعاملة الحسنة والمساعدة. لذلك كان لزاما علي أن أرجع «للناس ما للناس» اضافة الى انه ليس من طبعي مد يدي الى الحرام فأحرص على الشرف والكرامة قبل كل شيء ولم أستمع لا الى كلام أحد المحامين ولا الى بعض اصدقائي رغم اتهامي من قبل العديد بالسذاجة وبالمناسبة يشرفني ان يرى البعض في شهامتي سذاجة لانني لا اريد ان أوصف بالذكي وأكون سارقا لقد عشت نظيفا وسأبقى كذلك، «والرزق بيد الله». هكذا عبر «سي الحبيب» وامتنع في لطف عن ان ننسخ الوصل الذي تسلمه من البنك والذي يثبت قانونيا انه مليارديرا.