للمسرح بريقه الخاص، فهو أب الفنون المتنوع، المتفرد في بسط هموم الناس القادر الى النفاذ الى الجوهر، لينشر البسمة في «الوان مان شو» تارة ويعانق التراجيديا تارة أخرى. فهو يلامس طعم النجاح دون الحاجة الى ذبذبات الراديو أو محطات التلفزيون فمباشرة يكون التفاعل مع الجمهور فإما ان يندمج المشاهد فيكون النجاح، وإما ان ينسحب، فيكون الفشل، هكذا هو المسرح من دون أقنعة. وفي عيده تحتفي سائر بلدان العالم بالفن الرابع فهل للمسرح نصيب من اهتمامات المواطن التونسي خاصة ونحن نشهد في هذه الآونة الأخيرة عروضا مسرحية في مختلف الفضاءات الثقافية بالبلاد؟ رغم انتشار لافتات العروض في أروقة الفضاءات الثقافية وكثافة الدعاية لباقة من الاعمال المسرحية التونسيةالجديدة، فإن فئة من المجتمع قد لا يستهويه الاقبال على العروض المسرحية، ويبقى الفن الرابع بذلك أسير جمهوره من النخبة والمثقفين. المسرح للنخبة «جمهور المسرح في تونس هو جمهور نخبوي» هكذا يقول أيوب ثابت الهاوي للمسرح مضيفا: «المواطن العادي لا يهتم بمضمون الأعمال المسرحية وقيمة هذا الفن الراقي، فهو يعاني من غياب الحس الثقافي لديه. وحسب أيوب فإن المسرح منقسم الى صنفين: مسرح نخبوي ومسرح شعبي قائلا: «إن 80٪ من المسرح التونسي هو نخبوي لأن المواطن العادي لا يتحمس لهذا المسرح بقدر ما يتحمس للمسرح الشعبي أو ما عبّر عنه ب «ألوان مان شو» لا يحضر المسرح حسب تعبيره غير الفنانين والمثقفين والمسرحيين أنفسهم». وفي نفس الشأن يتفق معه هيثم معلول الذي اعتبر ان الجمهور الوافد على العروض لا يشجعه على اقتناء تذكرة لدخول عمل مسرحي معتبرا أنهم لا يدركون قيمة هذا الفن، فالنخبة فقط هي التي تولي اهتماما حقيقيا للمسرح. غير ان تراجع مستوى العروض وغياب التنوّع جعلت من المواطن التونسي في قطيعة مع المسرح. «دون المستوى» عبّر الطالب حمدي البكوش (22 سنة) عن تراجع اهتمام المواطن التونسي بالعمل المسرحي الذي بدأ يفقد مكانته شيئا فشيئا ويفسّر ذلك بأن بعض المسرحيين غير مؤهلين لمزاولة النشاط المسرحي حيث يقول في هذا الشأن: «لقد صار من غير الممكن حضور بعض الأعمال المسرحية رفقة العائلة نظرا للجرأة المفرطة في طرح المواضيع واستعمال مفردات غير لائقة، مضيفا ان تركيز بعض المسرحيين على نوع معيّن وهو «ألوان مان شو» جعل المسرح يفقد تنوّعه المفترض» ويستدرك محدثنا قائلا: «رغم كل هذا لا يمكن ان ننفي وجود مسرحيات ذات طابع كوميدي هادف». إلا ان الرغبة في التسلية والترفيه قد تكون الدافع القوي لحضور التونسي للمسرح. للتسلية فقط البعض يفضل الذهاب الى المسرح من أجل الضحك فقط وليس للتمتع بالمهارات الابداعية للمسرحيين عن هذا يقول حمدي: «ان التونسي وبحكم الضغوط والشواغل اليومية إضافة الى الروتين يميل الى الضحك والمرح تلقائيا، فهو يجري في دمه، حيث يهتم بنوع معين وهو «ألوان مان شو» الذي في اعتقادي يلامس واقعه المعيشي ويطرح قضايا تعبّر عن مشاكل في قالب كوميدي». وهذا ما عبّرت عنه التلميذة لبنى ونيس (19 سنة) التي تفضل حضور عروض «ألوان مان شو» قائلة: «تستهويني المسرحيات التي تنتقد بعض الظواهر السلبية في مجتمعنا إضافة الى العروض التي تجعلني لا أتوقف عن الضحك». وتشاطرها الرأي صديقتها سهام اليحياوي التي تفضل مشاهدة المسرحيات التي ترفه عن النفس فقط «بحكم ضغوط دراستي فإني أبحث دائما عن شيء يسليني فقط لذلك لا أشاهد الا العروض التي اسمع انها تضحك». متعددة هي أذواق الشارع التونسي ومختلفة آراءه عن المسرح فمنهم من يبحث عن الإبداع ومنهم من يجد فيه ملاذا للتسلية والترفيه بينما يوجد من لا يهتم به أصلا. رماح مصاروة