كانت «الشروق» سباقة للحديث عن رجل أعمال تونسي مهاجر منذ أكثر من ربع قرن اسمه محمد عياشي العجرودي شهرته كبيرة بعد ان تميز باكتشافاته واختراعاته في مجال الزراعة البيولوجية وتحلية المياه وابتكار أول طريقة للري تحت الأرض اضافة الى طريقته الخاصة في تحويل المزابل والنفايات الى طاقة كهربائية، مما جعله يحظى بثقة السلطة الفرنسية فضلا عن ثقة عدد من الملوك والرؤساء العرب... في لقائنا السابق مع السيد محمد العياشي العجرودي أشرنا الى تألق هذا الرجل ونجاحه خارج الحدود لكنه ظل «مجهولا» في تونس حتى اننا قلنا آنذاك : «لا نبي في قومه»..لكن الرئيس بن علي الذي عودنا على الاستماع الى نبض الشارع والمراهنة على رأس المال البشري كذب تلك المقولة بسرعة وأعطى أوامره الصارمة للاستفادة من كل الكفاءات التونسية المهاجرة وفي مقدمتهم السيد العجرودي الذي وقع الأسبوع الماضي اتفاقا مع الديوان الوطني للتطهير لبعث شركة مختصة في تصدير الخبرات نحو بلدان الخليج وافريقيا و .. وأوروبا أيضا ! بداية الغيث نعم سنصدر خبرتنا نحو أوروبا .. هكذا قال السيد العجرودي بكل اصرار وهو يتحدث الينا عن تفاصيل تلك الشراكة التي جاءت بإذن من رئيس الدولة ثم أضاف. «يقول المثل العربي أول الغيث قطرة، ثم ينهمر، وأنا اعتبر شركة التطهير العالمية بداية الغيث وفاتحة خير ان شاء الله لأتمكن من المساهمة في تصدير الخبرات التونسية، اذ أننا وانطلاقا من شركتنا العالمية المنتشرة فروعها في جل أقطار العالم سنفتح الأبواب أمام الخبرات والكفاءات التونسية للعمل خارج الحدود وتقديم تجاربهم في مجال معالجة وتنقية وتحلية المياه لكثير من بلدان العالم بما في ذلك البلدان الأوروبية... ومضى السيد العجرودي متحدثا عن باكورة تعامله مع وطنه تونس .. : «أنا اعتقد ان هذه الشراكة في مجال التطهير مهمة جدا سيما وان العالم بأسره سيخوض قريبا معركة الماء لكنني أطمح الى ما هو أكثر من ذلك واعني مساهمتي في تخليص بلادي من المزابل والنفايات وتحويلها الى طاقة كهربائية مثلما فعلنا في فرنسا وبريطانيا وحتى أمريكا. وكذلك في بلدان الخليج التي لا تحتاج الى النفط لكنها استنجدت بخبراتنا لاقتناعها التام بأن تلك العملية (تحويل النفايات الى طاقة) أفضل بكثير سواء من حيث التكاليف او من حيث المحافظة على البيئة. وكما سبق ان ذكرت أرجو ان تتاح لي الفرصة لتنتفع بلادي بهذه الطريقة المبتكرة لأن ما يهمني بالأساس هو رد الجميل لوطني الذي فتح عيني على العالم ومكنني من التعلم والدراسة حتى بلغت هذه المرتبة والحمد لله. آفاق واسعة وبخصوص شركة التطهير العالمية التي تم امضاء اتفاقها منذ أيام ذكر لنا السيد العجرودي انها انطلقت فعلا وصار لها وجود في تونسوفرنسا والسعودية وكل بلدان الخليج العربي منذ تم توقيع الاتفاق مع وزارة البيئة ممثلة في الديوان الوطني للتطهير ثم أضاف : «ستكون البداية برأس مال قدره مليار من مليماتنا وسيتم الترفيع في هذا المبلغ باستمرار كما ان هذه الشراكة ستمكن من تشغيل حوالي ألف اطار تونسي في اختصاص تنقية وتحلية المياه اضافة الى ما تستوجبه من عملة غير مختصين وقد تم الاتفاق على ان يكون الرئيس المدير العام لديوان التطهير هو رئيسها وأنا نائبه مع التزامي بتطويرها المتواصل والبحث عن الأسواق العالمية ومتابعة انجاز المشاريع ومراقبة مطابقتها للمواصفات وهدفي الوحيد من وراء ذلك ان أجعل من تونس بلدا رائدا في مجال معالجة وتنقية وتحلية المياه في العالم ... سألت محدثي عن آفاق هذه المؤسسة فأجاب بكثير من التفاؤل .. ليكن في علمك ان كل البلدان النفطية لا تملك لترا واحدا من الماء الطبيعي وهذا يعني انها تعتمد كليا على تحلية ومعالجة وتنقية مياه البحر وبالتالي فانه سيكون أمامنا أفق شاسع للعمل على امتداد سنوات طويلة بل اننا لو تحكمنا في تلك التقنية لصرنا نملك النصيب الأكبر من الثروة النفطية اذ ان برميل الماء في تلك المناطق يساوي خمسة براميل نفط بالتمام والكمال ولكم ان تتصوروا بقية القصة ! ومضى السيد العجرودي : «إن نجاح تجربتنا هذه سيجر وراءنا كل الشركات التونسية التي تملك خبرة في بناء محطات التطهير ومعالجة المياه لندمجها في الخليج ودول افريقيا قصد المشاركة في المشاريع ذات المردود الخيالي، ولدي طموح كبير في ان يتحول هذا المولود الجديد الى عملاق عالمي (مثل - كنيم - الفرنسية) في مجال الطاقة البديلة وتحويل النفايات وتحلية المياه ومعالجة النفايات الصلبة التي مازالت تشكل خطرا رهيبا على صحة المواطن في بلادنا ومن أوكد الضروريات ان نلتفت اليها وتلك حكاية اخرى واختصاص آخر، قد نعود للحديث عنه بأكثر تفاصيل.