لا أحدَ يَذْكُرُ اليوم ذلك السؤال القديم السّاخر: من سبق الآخر، البيضة أم الدجاجة؟ ليس لأنّ الإجابة أصبحت واضحة، بل لأنّ سؤالا آخر أكثر «عبقريّة» فرض نفسه على الجميع: من سبق الآخر، البلديّة أم «الزبلة والخرّوبة»؟ سؤال يطرحه المواطن عند كلّ انتخاباتٍ بلديّة، وعند كلّ بداية سنة، خاصّةً حين يُقال لهُ: سدّد ديونك...اِدفَع معاليم «الزبلة والخرّوبة»...بينما هو يجمع «زِبْلَتَهُ» بنفسه، بيدٍ فارغة وأخرى لا خرّوبة فيها!! لا تعميم طبعًا...لكنّها ظاهرةٌ مُؤَكَّدةٌ...ومُناقِضةٌ لفكرة المواطَنة، لأنّها توجِّه إلى المواطن رسالةً شديدة الخطورة، مفادها أنّ البلديّة تستند إلى منظومة قانونيّة لتحميله تبعات عدم سداد ديونه...بينما هو لا يملك أيّ أدوات ناجعة لمطالبة البلديّة بالقيام بواجباتها!! وكأنّ من حقّ الدولة أن تستخلص معاليم خدمات لا تقدّمها، بينما ليس من حقّ المواطن أن يرفض الدفع مقابل خدمات لا يتمتّع بها!! أي كأنّ على المواطن أن يصبر على الجميع، بينما هو لا يصبر عليه أحد!! كم أتمنّى على بلديّاتنا، وانتخاباتُها على الأبواب، أن تتطوّر بما يكفي...هي وغيرُها...كي لا يشعُر المُواطِن بأنّه يُعامَلُ مثل العريس أثناء الحملات الانتخابيّة، ثمّ يكتشفُ أنّه عريس مخدوع ما أن تمرّ الانتخابات!!