البلدية هي أقرب الادارات للمواطن وعلاقتها به تتجاوز معلوم الزبلة والخرّوبة ومصطلح الاداءات الجبائية ووثائق الحالة المدنية لتشمل عديد النواحي الحياتية ومن ذلك العمل الثقافي والحركة الفكرية والابداعية ككل ونظامنا السياسي منح البلدية صلاحيات عديدة وهامة خصّها بلجان ومدّها بميزانيات ورتب لها صندوقا لاعانة المحتاج منها ووفر لها الاستقلالية المالية ومكّنها من الاطار الاداري الكفء ومن هذه اللجان الخاصة بالبلديات اللجنة الثقافية البلدية ومهمتها توفير مستلزمات العمل الثقافي ونشر الابداعات الفنية وتنشيط المحيط ووضع برامج ثقافية تكون سندا لمسيرة التنمية وتعريفا بالمبدعين التونسيين الذين لا يقلّون شأنا عن سواهم إن لم نتحدث عن منجزاتهم التي أصبحت مراجع لكن بلدياتنا على اختلاف إمكانياتها المادية والادبية لم تعط للثقافة حجمها ولم تدخلها في صلب عملها الاجتماعي كعنصر فعّال يستقطب المتساكنين والثقافة في عصر العولمة هي الحافظ للكينونة والهوية والشخصية لكن بلدياتنا لم تصلها بعد أصداء كتاب نهاية التاريخ والانسان الذي جعل الثقافة الحد الفاصل في تاريخ الحضارات وشعب بلا إبداع في طريقه الى الانقراض... وبقي التواصل بين بلدياتنا والثقافة في شموليتها لا تتجاوز تخصيص نسبة غير ذات بال من الميزانية العامة وقد تتحوّل الى باب آخر. ومع توفّر القوانين والتراتيب التي أقرّها سيادة الرئيس لدعم الحركة الثقافية وهي كثيرة ومتعددة يتوّجها اليوم الوطني للثقافة إيمانا منه بمكانة الثقافة والفنون في تنمية الوعي الوطني الجماعي باعتبارهما جدار الصد الذي يبعدنا عن الذوبان والتلاشي في عالم تغيرت فيه كل المعطيات ومن هذه الرؤية لم يعد هناك مجال لمواصلة القطيعة بين الحركة الابداعية الوطنية والعمل البلدي خاصة والدولة وفرت كل دعم من أجل خدمة الثقافة ومنها جائزة رئيس الدولة لمن يبرز في خدمة الثقافة الوطنية فالمندوبيات الثقافية المتواجدة في كل الولايات والموكول لها تنشيط الحياة الفكرية والفنية في منطقتها تشكو من ضعف الميزانية ووزارة الثقافة والشباب والترفيه بما لها من مشاغل عديدة وغزيرة لا يمكن لها توفير كل مستلزمات العمل الثقافي من بنية تحتية وتجهيزات تقنية وأموال لتوفير تنشيط ثقافي حداثي ومعاصر لا بمعنى ذر الرماد على العيون فكل الادارات والمؤسسات مدعوة لمؤازرة وزارة الثقافة في توفير عنصر التنشيط الثقافي الجاد فعلا ليستقطب ويشع ويطلع الجمهور عن حقيقة عصر التحولات الكبرى. دعوة حب نوجهها لاعادة الاعتبار للثقافة الجادة الحديثة ثقافة عصر الانترنات في كل بلدية من تونسنا العزيزة ولمَ لا إقامة ندوة وطنية لاعادة النظر في طرق عملنا الثقافي وبرامجه لدى بلدياتنا وطرق تكامله مع عمل وزارة الثقافة ولمَ لا نجعل من المبدع عضو له حضوره في مجالسنا البلدية وجعله أحد العناصر المؤثرة في اختيار البرمجة بما يستجيب والارادة الرئاسية التي منحت الثقافة عديد الامتيازات لم تتوفر لغيرنا. إن بلدا كتونس يزخر بطاقات مبدعة على مستوى دولي ويحمل تاريخا حافلا بالاسماء الخالدة ساهمت في دعم حضارة المتوسط من حقه أن يطالب بلدياته بالعمل على بعث جائزة بن خلدون وتوفير مساحات للنشر من خلال مجلات وكتب وسواها دعوة حب نوجهها ونرجو الاطلاع عليها فقط.