تعددت الروايات وتضاربت حول انطفاء الأضواء الكاشفة في الملعب الأولمبي بالمنزه وذهب بعضها الى حدّ الترويج ل «نظرية المؤامرة»، أيّ إلى تورّط جمهور الترجي في هذا الموضوع بهدف إيقاف المباراة والتأثير على تركيز اللاعبين وذهب الخيال «الخلاّق» الى حدّ «فبركة» صور لبعض الوجوه البارزة في الترجي وهي تقطع النور الكهربائي .. الصور نُشرت ساعات قليلة بعد اللقاء على الموقع الاجتماعي (فايسبوك) وبالطبع لا يمكن قراءة ما حدث بهذا الشكل «الكاريكاتوري» وكان لا بدّ من التوجّه بالسؤال الى إدارة الحي الرياضي حول حقيقة ما حدث وتحديدا لغز انطفاء الأضواء الكاشفة في الدقيقة 75 تقريبا. مصدر مسؤول في هذه الادارة أكد ل«الشروق» صباح أمس أن ما جرى لا يخرج عن سياق خلل فني ظرفي ولا يمكن تحميله أكثر ممّا يحتمل مضيفا «حدث انهيار جزئي في الشبكة الكهربائية لم يمس فقط ملعب المنزه وإنما أيضا بعض الأحياء المجاورة في المنازه وقد تدخل أعوان الحي بالسرعة المطلوبة لاعادة الأمور الى نصابها علما بأن فوانيس الأعمدة الكهربائية تحتاج لما بين 10 و12 دقيقة لتعود الى العمل بصفة عادية وهذا ما تم فعلا مع الاشارة أيضا الى أن الانقطاع في البداية كان جزئيا حيث بقي عمودان يعملان اضافة الى السبورة اللامعة». نفس المصدر أوضح أيضا أن هناك مع ذلك جانبا تقنيا يخص أعمدة الانارة بالملعب الأولمبي بالمنزه يتعين مراجعته والانكباب عليه، فهذه الأعمدة تشتغل بالغاز وهي معرّضة للأعطاب وبالتالي أضحى تغييرها بأخرى حديثة أمرا مطلوبا إن لم نقل حتميّا. وحول ما يتداوله الشارع الرياضي في تونس من وقوف جماهير الترجي وراء حكاية انطفاء الأضواء الكاشفة قال هذا المسؤول البارز بإدارة الحي الرياضي: «التجهيزات الكهربائية الخاصة بالملعب موجودة في مكان محكم الإغلاق أسفل منصة الصحافة ومن غير المعقول أن يتسرّب أفراد من الجمهور الى ذلك المكان ويقوموا بقطع النور أولا لأن أبواب المولّد الكهربائي ومثلما أشرت آنفا مغلقة وثانيا لوجود عدد كبير من أعوان إدارة الحي وأعوان الأمن على عين المكان.. أود التأكيد أيضا على أنه لا يسمح لأي طرف خلاف الفنيين التابعين للشركة التونسية للكهرباء والغاز بمعاينة الأعطاب الكهربائية في هذا المكان تحديدا..». «الشروق»سألت هذا المسؤول إن كان «ملعب المنزه»، قد شهد حادثة مشابهة في الماضي، فأكد أن ذلك لم يحصل، لكن بعض الفضاءات الأخرى التابعة للحي الوطني الرياضي عرفت حالات مشابهة على غرار قصر الرياضة بالمنزه أو مكاتب إدارة الحي. فوضى تاريخية أكد مصدر «الشروق»، أنه لم يعايش سابقا أحداثا كالتي شهدها الملعب الأولمبي بالمنزه مساء الخميس مضيفا «الفوضى كانت عارمة والأضرار الحاصلة جسيمة ناهيك وأن قرابة ال1000 مقعد تم اقتلاعها ورميها في المدارج ونحن الآن بصدد حصر هذه الأضرار كاملة وتحديد قيمتها من الناحية المالية علما بأن الكراسي اقتلعت من «الفيراج» و«البيلوز» وحتى المدارج المغطاة لم تسلم من العبث». بين الحقيقة والخيال إدارة الحي الوطني الرياضي بهذا التوضيح تكون قد وضعت النقاط على الحروف من وجهة نظرها الشخصية وهي وجهة نظر قد تقنع البعض وقد لا تقنع آخرين.. ونحن نعتقد أن لغز انطفاء الأضواء الكاشفة سيبقى قائما ما لم يحدد تحقيق مستقل خفايا وملابسات هذه الأحداث التي عكست صورة قاتمة جدّا لكرة القدم التونسية في الوقت الحالي.