قتلت القوة الدولية للمساعدة على إرساء الأمن في أفغانستان أمس أربعة مدنيين اثر استهداف الحافلة التي كانت تقلهم بالأسلحة الرشاشة. وقد جرح 18 آخرون. وقد أعاد هذا الحادث الى الأذهان صورا عدّة من مسلسل استهداف المدنيين الأفغان. وجاءت معظم هذه الحوادث كنتيجة لفكرة استباق العنف لدى الجنود الأمريكان والذي أصبح من الأمراض المزمنة للوحدات المتواجدة سواء في أفغانستان أو في العراق. ولعلّ القانون العسكري الأمريكي يمثل أكبر انعكاس للواقع الرهيب الذي يعيشه الجندي الأمريكي، حيث بإمكان هذا الأخير قتل أي كان في «ساحة المعركة» التي لا تستثني شبرا من الأراضي الأفغانية والعراقية المحتلة. ويمنع القانون بالتالي التحقيق في الجرائم المرتكبة ومقاضاة أبطالها ال«western». وكنا نظن في السابق أن الحرب تترك جملة من العقد النفسية لدى الجنود، لكن مع الأمريكان أصبحنا مقتنعين أنهم يأتون الى القتال وهم محملون بعقدهم التاريخية. وعوضا عن المساعدة في «إرساء الأمن» أصبح الجنود الأمريكان يعالجون من عقدة عدم المشاركة في إبادة الهنود أوالفيتناميين أو اليابانيين في أفغانستان والعراق. ونتيجة لهذه السياسة التي لم تعد خافية عن أحد فقد أصبح قتل المدنيين كالهواية بالنسبة للجنود الأمريكيين، الذين أصبحوا يتعاملون مع العمليات التي يقومون بها كما لو كانت رحلة صيد. فمن يصطاد أكثر؟ ومن يصل خلال العملية الى التعبير عن الكبت والتخلف أكثر من غيره؟ ربما يقول القارئ إن هناك شيئا من المبالغة في هذا الكلام. لكن نقول هنا إن الأرقام تظل أكبر دليل، فما الذي يفسر مقتل 2400 مدني أفغاني خلال عام 2009؟ ووفقا لاحصائية الأممالمتحدة التي أسقطت الكثير من الضحايا من حساباتها. وعند التمعن أكثر في هذا الرقم سنكتشف أن حفلات الصيد الأمريكية والانقليزية والألمانية تكلف كل يوم أكثر من سبعة مدنيين أفغانا، أليس الصيد وفيرا؟ هل يمكن أن ننفي أنها مجرد حفلات صيد للترفيه وللتنفيس عن العقد؟ وما الاسم الذي يمكن أن نسنده إلى هذه العمليات غير ذلك؟ يعم التنديد في كل رحلة صيد وتستنكر جميع الأطراف هذا العدد الكبير من الضحايا، لكن العدد في تصاعد مستمر وتقدر نسبة الزيادة في السنة الماضية فقط ب14٪، وربما كانت هذه الزيادة ناتجة عن الفرحة بقدوم راعي الأمريكان الجديد باراك أوباما الذي وعد كالعادة بالتقليص من عدد الضحايا، لكن هيهات فكل يوم يحتفل هذا الراعي بذبح سبعة أفغان على عتبات معبده المجوسي. ربما لن نختلف في مجمل التسميات سواء كنا عربا أم أفغانا أم أمريكانا، لكن موطن الخلاف في ذهني هو أن تسمية «قوات المساعدة على حفظ الأمن» (إيساف) لا تتماشى مع الوقائع وكان من الأفضل أن نسميها قوات المساعدة على زعزعة الأمن في أفغانستان أو في العراق. فالرجاء التصحيح؟