تتتالى المناشير الى المسؤولين في الادارات والمؤسسات الوطنية تدعوهم الى الاقتصاد في الطاقة والمصاريف، وإحكام سدّ أبواب ونوافذ التبذير في الملك العمومي، وهنالك من أهل الذكر من هم حريصون على ذلك قبل صدور المناشير وبعدها من باب إخلاصهم للوطن وإدراكهم لمستلزمات الوطنية والواجب. وما أكثر هذه الشريحة المسؤولة ولكنّ هذه المناشير حتى وإن حققت الكثير وعزّزت مفهوم المسؤولية وعظمة الأمانة لدى مديري الشأن الوطني فإن بعض الظواهر مازالت توحي بأن البعض حتى وإن كانوا قلّة مازالت لم تبلغهم الدعوة ولا يأبهون بانتفاخ فواتير الماء والكهرباء والهاتف و«المصاريف المختلفة». صحيح أننا ودعنا وداعا بدون رجعة ظاهرة المسؤول الذي يحول حديقة منزله الى منطقة سقوية من مياه «الصوناد» لزراعة البصل والثوم والمعدنوس والبطاطة وصحيح أننا ودعنا وداعا بدون رجعة شناعة الصورة في الفاتورة لاستهلاك الماء والهاتف والكهرباء. ولا أحد يجحد أن الأمور تحسنت ولا أحد ينكر أن الصورة مازالت فيها بعض الشوائب على الرغم من القلّة، ولكن في هذه القلة تكمن خطورة العلّة. لكل تونسي هاتف ثرثار بمن في ذلك الصغار، الكل يطلب والكل يتحدث والكل يدفع الثمن، وهنالك من باب الرحمة بجيوب الأحباب والأقرباء والأصدقاء والصديقات من يلجأ عمدا الى أن تكون الفاتورة على حساب «البيليك» وإلا بماذا نفسر الظاهرة التي أصبحت متفشية في إداراتنا ومؤسساتنا «ألو علّقْ توّ نطلبك» بدون تعليق.