انتهت قمّة واشنطن وغدا تُفتتح قمة طهران حول نزع السلاح النووي، انتهت قمة واشنطن بكثير من الكلام والتحذيرات والتهديدات من الرئيس الأمريكي باراك أوباما وستبدأ قمة طهران أيضا بكلام كثير وربما بتهديدات أقوى خاصة ان الادارة الأمريكية خبرت جيدا الخطاب الإيراني وباتت شبه يائسة من تغيّر سلوك النظام في طهران ومن عودته عن الطريق الذي خطّه لتمضي فيه ايران نحو أهدافها النووية بالشكل الذي تريد وبالطريقة التي ترضيها. طهران ترفع شعار «الطاقة النووية للجميع، والسلاح ليس لأحد» في المؤتمر الذي تشارك فيه 15 دولة، وفي ذلك مسعى واضح الى اظهار الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الايراني ولأن الغاية الأساسية منه هي الاستخدامات المدنية، لعل الغرب يقتنع بأن لا جدوى ولا شرعية في نهي طهران عما تفعله إن هي طوّرت قدراتها النووية لمثل هذا الغرض، أما الشّعار الذي كانت ترفعه واشنطن بل كانت تبطنه خلال قمّتها فهو «السلاح النووي للكبار، والطاقة النووية بيد الكبار، ولا حق لغيرهم فيها» لذلك بدا من الواضح ان تلك القمة كانت معدة لتكريس الوضع القائم وهو استئثار القوى النووية في العالم ومن بينها اسرائيل التي غابت عن القمة خوفا من تعرضها لانتقادات بالاسلحة الاستراتيجية وسيطرتها على القرار الدولي في هذا المجال. وقد استبقت واشنطن تلك القمة بالإعلان عن استراتيجيتها النووية الجديدة التي تسير في هذا الاتجاه، وتوجه تهديدا مباشرا الى دول مثل ايران أو كوريا الشمالية، هذا التهديد كرره أوباما مرارا وكان حاضرا بقوة في خطابه الاخير في القمة. ويبدو ان ايران قد اختارت الوقت المناسب ايضا للرد على هذه الخطوات الامريكية بدعوتها الى مؤتمر نزع السلاح النووي الذي يمثل «الارادة الجماعية لبعض الدول المستقلة لمناقشة موضوع استخدام السلاح النووي في عالم اليوم» كما جاء على لسان المتحدث باسم الخارجية الايرانية. واللافت للانتباه أيضا ان واشنطن سارعت بعد ساعات من اختتام القمة النووية الى التعبير عن شكوكها في نجاح اي محاولة حوار مع ايران بشأن برنامجها النووي، فيما ستعمل طهران على تثبيت موقفها وستستغل هذا الحشد الدولي لمؤتمرها لتؤكد أحقيتها في تطوير برنامج نووي وبأن لا أحد يحق له التدخل في هذا الشأن الا الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهذا ما يعكس التباين الشديد بين المقاربتين الأمريكيةوالايرانية بشأن هذه المسألة الحساسة التي اتخذت فيها «الحروب» والمواجهات بين واشنطنوطهران أشكالا عدة بدأت بالخطابات ومرت بالمؤتمرات والقمم وقد تنتهي الى واقعة عسكرية لا أحد يعلم حدودها ونتائجها.