تمسك برأسها بين يديها... شاحبة الملامح نتعثر في خطواتها.... طفلة في الثانية عشر من عمرها... من الأوائل في فصلها تخطت المراحل السابقة من التعليم الابتدائي كتلميذة مميزة... الا أنها في الآونة الأخيرة أضحت تفقد البعض من تركيزها داخل الفصل وخارجه... تتوه منها الكلمات في حصة المحفوظات وتصيبها آلام في الرأس في درس الرياضيات... حسب ما صرحت به ووالدها للطبيبة التي كانت تفحصها نفسيا وليس جسديا أنها ربما تكون أثقلت في عدد الساعات المخصصة للدراسة مما أثر سلبا على صحتها. حالة هذه الطفلة لم يكن نشازا بل تحول مؤخرا الى قاعدة... لا تحمل الكثير من الاستثناءات... فالأسابيع تتسارع ولم يعد يفصل تلاميذ الابتدائي وخاصة تلاميذ السنة السادسة الا أسابيع قليلة على موعد المناظرة الاختيارية للالتحاق بالمدارس الاعدادية النموذجية حيث يصر عدد هام من الأولياء على اجبار أطفالهم للرفع من نسق تحضيراتهم يحدوهم الأمل للفوز بالنجاح في الالتحاق بمثل هذه المدارس الاعدادية حيث يكون النجاح حليف نسبة منهم دون الأخرى هذه التحضيرات ترافقها الدروس الخصوصية وكتب التمارين المدرسية وغيرها مما يضر أحيانا بنفسية التلميذ ويتسبب أحيانا في فشله. مكرهون ولكن.... مكروهون على دروس التدارك ولكن! هكذا تحدثت ل«الشروق» السيدة سعيدة أم لطفلين أحدهما متحمس للمشاركة في مناظرة الدخول الى المدرسة الاعدادية اذ تقول: « أعلم جيدا أن امكانيات ابني جيدة فهو مميز ويتحصل في كل ثلاثية على شهادة الامتياز لكن الدخول الى الاعدادي النموذجي أمر محبذ لكل الأولياء دون استثناء أعتقد أنه سيكون محل رعاية أكثر من المدرسة العادية فابني البكر التحق بدوره ونجح في المناظرة قبل عامين وهو يتابع دروسه بنجاح مما يضمن لي حصوله على الباكالوريا من عامه الأول وأتفادى بذلك الرسوب وطفلي الثاني يرغب في النسج على منوال شقيقه لذلك اجدني مضطرة لدروس تدارك اضافية خاصة في مادة الحساب. اذ اعجز أحيانا عن مساعدته في بعض مسائل الهندسة مما جعل كل أيام الأسبوع مخصصة للدراسة. وتضيف السيدة سعيدة: «احس أحيانا بكونه مرهق ولكن من طلب العلا سهر الليالي على الأقل الارهاق في الدراسة أفضل من الارهاق في اللعب بالكرة. الولي يفرط في الخوف نعم الولي هو الذي يفرط في الخوف من الفشل في هذ ه المناظرة ويدفعون بأبنائهم دون شعور الى الانهيار النفسي وهم يعتقدون أنهم في الطريق الصحيح هكذا علق على الأمر السيد بشير معلم سنة سادسة للغة العربية والعلوم مضيفا: «أحيانا أحس بالحرج فأنا اقدم دروسي داخل الفصل وكذلك في الدروس الخصوصية بعض التلاميذ المميزين لا يحتاجون الى أكثر من حصة تدارك في الأسبوع، لكن الولي يصر على اخضاع ابنه لاكثر من حصة هذا دون اعتبار دروس التدارك داخل المحضنة، واعرف أولياء تلاميذ عندي بالفصل يلجؤون الى جلب معلم للبيت أيضا وكل هذا بسبب السعي وراء النجاح في مناظرة الالتحاق بالمدارس النموذجية... هو طموح مشروع للولي للأب والأم معا لكن ليس على حساب التلاميذ فأغلب التلاميذ في السنة السادسة لا يتجاوزون سنتهم الثانية عشر وبالتالي فهم أطفال يحتاجون الى اللعب واللهو والمرح في أغلب الأوقات لكن الأب أو الأم لا يفهم هذا الأمر ويزيد من الضغط على طفله غير دار بالعواقب الأليمة التي قد تنجر عنها. التوتر والاجهاد ويضيف السيد بشير: «لقد لاحظت هذا الأمر عند البعض من تلاميذي النجباء والمميزين أحيانا يفقدون التركيز في الفصل، فجل تفكيرهم يكون في المناظرة ليس الا... وهذا الخوف من النجاح والرسوب يشكل خطرا في حد ذاته لذلك كنت أسعى في كل مرة الى التحدث اليهم في الفصل ومحاولة اقناعهم بضرورة اعتبار الأمر مجرد مناظرة ليس الا وأنه عليهم التعامل معها كما يقع التعامل مع امتحان الفصل... ألاحظ أنهم يستمعون لي ويقتنعون بوجهة نظري لكن سرعان ما يعود اليهم الاجهاد من خلال أسئلتهم المتواصلة حول المعدل ونوعية الأسئلة في الامتحانات الفارطة. الستراس يصيب الأطفال الضغط النفسي والستراس والانهيار العصبي يصيب الاطفال أيضا هكذا علقت على الأمر السيدة عفاف كرعود شراد طبيبة نفسية مضيفة: «من المهم جدا أن يدرك الولي اليوم ومن الآن قبل الدخول بعد أسابيع في حمى الامتحانات أن الطفل شأنه شأن الكبار فهو يحتاج فعلا الى الراحة ولا يحتاج الى الضغط حتى لا يصاب بالانهيار العصبي. وحول عوارض الانهيار العصبي لدى الأطفال تقول: «هي نفس العوارض تقريبا الاضطرابات في النوم يصبح الطفل مضطربا وينتابه الأرق فتختل مواعيد نومه ويصاب في أحيان أخرى بآلام في الرأس وفي المعدة مع اضطرابات في الجهاز الهضمي منها التقيء والاسهال وكذلك اضطرابات في الأكل اما بفقدان الشهية أو الزيادة فيها بغير العادة وهي كلها أعراض اذا ما لاحظها الولي لدى طفله عليه اعطاءها اهتمامه من كون طفله ولو أنه صغير السن فهو يعاني. هكذا نتفاداه وحول النصائح التي يمكن للولي العمل بها لتجنيب طفله الانهيار العصبي وغيره تقول الدكتورة عفاف: «الحل في «إبقاء التعامل مع الطفل عاديا شأنه شأن الأيام العادية، بمعنى ترك الطفل يتعامل مع دروسه براحة يمنح له وقتا لللعب ووقتا آخر لممارسة أنشطته الرياضية وأن يدرس برنامجه الدراسي كما هو مقرر ومن ثم وحين اقتراب موعد المناظرة والامتحانات على الولي أن يلتزم بنفس البرنامج اليومي المعمول به أي لا تغير في البرنامج على الطفل أن يواصل بصفة اعتيادية برامجه الترفيهية سواء كانت حصصا للموسيقى أو الرقص أو الرياضة فهي تساعد على تحقيق التوازن وتحمي الطفل من الأرق والضغط.