تشهد قرغيزستان هذه الأيام انتفاضة شعبية كبيرة ضد رئيسها كرمان بك باكييف، وقد اتخذت التحركات منحى خطيرا بعد أيام قليلة من انطلاقها، وهو ما جعلنا نبحث في تاريخ البلاد وجغرافيتها عن مصادر قوة القرغيز الثائرين. دخل القرغيز الى منطقة قرغيزستان عبر منطقة توفا في سيبيريا أواسط القرن الخامس عشر ميلاديا واستقروا بها حتى احتلتها الامبراطورية الروسية في عام 1876. وقد شهدت فترة الاحتلال ثورات عديدة قام بها القرغيز على النظام الامبراطوري وهاجر الكثير منهم الى الصين وأفغانستان. وإثر قيام الاتحاد السوفياتي أسس في المنطقة ما سمي ب«أوبلاست قزة قرغيز» المستقل وأصبح جزءا من الجمهورية الروسية الفيدرالية الاشتراكية في عام 1924. وبعد سنتين من ذلك التاريخ أصبح الاقليم جمهورية قرغيزية اشتراكية، وتمكنت في 5 ديسمبر 1936 من الحصول على الاعتراف بكونها جمهورية كغيرها من جمهوريات الاتحاد السوفياتي. وتميّزت الجمهورية القرغيزية السوفياتية في أوائل التسعينات خاصة بانتشار الاضطرابات بين السكان خاصة الأوزبك والقرغيز نتيجة التغييرات السياسية التي شهدتها الجمهورية وبقية جمهوريات الاتحاد السوفياتي الى أن استقلت عنه في 31 أوت 1990. وتزامنت تلك التغييرات مع وصول الفيزيائي عسكر آكاييف الى الحكم في أكتوبر 1990 ولم يستمر الاستقرار طويلا فبعد خمسة عشرة سنة من الاستقلال أجبرت المعارضة القرغيزية آكاييف على الهروب الى روسيا ليتولى بعده رئاسة البلاد الرئيس الهارب حاليا كازرمان بك باكييف. تتميز البدلاء بمناخ قاري متطرف تعتريه التقلبات وربما ترك هذا الطقس آثاره على الحياة العامة في قرغيزستان حيث تجد كل شيء فيها متقلبا. بلغ عدد السكان في قرغيزستان سنة 2007 حوالي 5 ملايين نسمة. وينحدر أغلبهم من القرغيز والأوزبك وهي قبائل تركية، وقد تأثرت الديانة في البلاد بهذه الأصول أيضا تبلغ نسبة المسلمين فيها 80٪ وهم سنّة يتبعون المذهب الحنفي بينما لا تتجاوز نسبة المسيحيين 18٪ ويتبعون الكنيسة الأورثودكسية الروحية. وأثرت الطبيعة المتطرفة والحياة المتقلبة لدى القرغيز حتى على حياتهم الثقافية، فنجد أكثر أشعارهم مثلا تتحدث عن ملاحمهم وبطولاتهم وصراعهم مع قبائل الايغور في القرن التاسع عشر.