في ظل الركود الفني والتواكل على الأغاني القديمة أصبحنا نعيش إفرازا جديدا ألا وهو «الديو» بمعنى إعادة تسجيل أغنية من طرف فنانين وجدت رواجا في ما مضى.. وتعود بنا الذاكرة هنا إلى الثنائي الرياحي (فيصل ولمياء) فقد شكلا ثنائيا متميزا وغنيا عديد الأغاني المشتركة حتى صارا أنموذجا.. ومع مرور السنوات أرادت أمينة فاخت أن تسلك نفس المنهج لكن بطريقة مغايرة وبعد بحث مطول التقت بالهادي دنيا ليؤديا معا أغنية «عالجبين عصابة» ويغنما بفضلها أموالا طائلة دون عناء يذكر ودون البحث عن اللحن والكلمة.. أمينة والهادي ليسا الأخيرين فالفنان الشعبي هشام سلام أراد أن يعيد مجده وذلك بتسجيل أغنيته الشهيرة «يا نجوم الليل» مع فاطمة التركي لكن وعلى ما يبدو فإن هذه الأغنية ظلت في رفوف محلات بيع الأشرطة رغم الهالة الاعلامية المسبّقة.. فاطمة بوساحة هي الأخرى أرادت إعادة مجد التسعينات وظلت تحاول استعادة مكانتها فلم تجد حلا سوى تسجيل أغنية في شكل «ديو» مع الهادي التونسي بعنوان «هو وإلا لا» لكن ما يحسب لهذه الأغنية أنها جديدة من حيث اللحن والكلمة. نفس الشأن بالنسبة للهادي حبوبة الذي طاف العالم وعرّف بالأغنية الشعبية التونسية وبعد تراجع شعبيته ونفور المستمع من أغاني المزود حاول بدوره ضمان اسمه في الساحة الفنية ليسجل أغنية بعنوان «ناري عالزين» التي حظيت باستحسان الجمهور إبان التسعينات لكن على ما يبدو فإن حبوبة لم يقرأ حسابا للأجيال اللاحقة التي لم تسمع بهذه الأغنية قط.. حبوبة حاليا يعيد تسجيل هذه الأغنية مع ألفة بن رمضان والتي لم تجد إلى الآن لنفسها نمطا أو مسارا معينا فتارة تغني الأغاني الوترية وتارة تغني الشرقية لتمر إلى الطربية.. وينتهي بها الحال إلى أغاني المزود ربما قدوة بأمينة أو صوفية صادق أو نوال غشام.. أو لعلها تبحث عن أغنية الحظ كما يتداول لدى أغلب الفنانين. القائمة تطول سواء لنجوم تونس أو الأشباه لكن الخاسر الوحيد هو المستمع الذي ملّ من هذه الطفرات، إذ صح التعبير فلم يعد يستمع إلى أغنية جديدة لحنا وكلمة وظل يعيش بين متاهة الأغنية المتردية وفلتة من فلتات الفنانين.. ليخرج بأسئلة لا إجابة لها من أن «الديو» مجرد موجة عابرة أم أن شركات الانتاج فرضت هذا النمط؟ أو أن اللهث وراء المادة سبب البلية؟