شهد الجنوب اللبناني أمس توترا أمنيا جديدا، حيث تمركزت آليات الاحتلال الاسرائيلي على مقربة من الخطّ الأزرق الفاصل بين جنوب لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلّة فيما أكد «حزب اللّه» جاهزيته لمواجهة كل الاحتمالات مع اشتداد التوتر على خلفية مزاعم بتسليم سوريا صواريخ «سكود» إلى الحزب. فقد أكدت مصادر إخبارية أنّ آليات عسكرية اسرائيلية تمركزت على مقربة من الخط الأزرق في مواجهة القطاع الشرقي من جنوب لبنان كما تحركت دوريات تابعة لقوات الاحتلال بمحاذاة السياج الحدودي بين مستعمرة المطلّة غربا ومزارع شبعا اللبنانية شرقا. تأهب لمواجهة أسوإ الاحتمالات وقد تحرّكت على الفور قوات الطوارئ الدولية المعزّزة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) للوقوف على تداعيات الوضع فيما أقدم الجيش اللبناني على اتخاذ الاحتياطات الأمنية تحسبا لأي طارئ قد تقوم به قوات الاحتلال. من جانبه أكد «حزب الله» أنه جاهز ومستعدّ تماما لمواجهة كل الاحتمالات بعد أن صرّحت الولاياتالمتحدة بأن «كل الخيارات مطروحة» ردا على التقارير التي زعمت أن سوريا سلمته صواريخ طويلة المدى. وقال نائب «حزب اللّه» في البرلمان اللبناني حسن فضل اللّه في تصريحات صحافية «إن المقاومة تتعاطى مع التهديد الاسرائيلي بجهوزية واستعدادا لكل الاحتمالات». وأضاف: «صحيح أننا لا نرى امكانية ميدانية لشن اسرائيل عدوانا جديدا على لبنان نتيجة توازن الردع الذي تكرسه معادلة الرد بالمثل وتكامل الجيش والشعب والمقاومة، وصحيح أن لبنان ليس هو من يشن الحروب بل يدافع عن نفسه لكن المقاومة متيقظة ودرست كل الاحتمالات وجاهزة لها». وقال فضل اللّه: «إنّ التهديدات التي أطلقها مسؤولون أمريكيون وآخرهم جيفري فيلتمان هي جزء من حملة ضغوط سياسية ونفسية تمارسها الادارة الأمريكية لمصلحة اسرائيل بهدف تقييد حركة المقاومة ومنع لبنان من امتلاك القدرات التي تخول له حماية نفسه في مواجهة العدوان الاسرائيلي على أرضه وشعبه». وأضاف: «أن هذه الضغوط هي تدخل أمريكي مباشر للتعويض عن الاخفاقات الاسرائيلية في مواجهة لبنان وحمايته وهو تدخل يتغاضى عن الانتهاكات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية ويكشف حجم الانخراط الأمريكي في حملة التهديدات الاسرائيلية ضد لبنان وسوريا». تداعيات «سكود» وفي ظل المزاعم التي روّج لها الصهاينة بأنّ سوريا نقلت صواريخ «سكود» الى «حزب اللّه» أكد خبراء أن تعقب هذه الأسلحة ورصدها ليس بالأمر السهل وهو الدرس الذي تعلمته القوات الأمريكية والبريطانية خلال حرب الخليج الأولى. وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية لوكالة «فرانس برس» طالبا عدم الكشف عن هويته إن تهريب صواريخ «سكود» وقاذفاتها المتحركة الى لبنان من دون علم أجهزة الاستخبارات الأمريكية أو الاسرائيلية هو أمر «ممكن ولكنه صعب». إلا أن خبراء يؤكدون أنه يمكن تفكيك الصواريخ والمنصات المتحركة لتجنب رصدها. وقال انتوني كوردزمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن «كل ما عليكم فعله هو فصل الذيل عن الصاروخ، وهو أمر يمكن القيام به بسهولة، وبعدها نقله الى عربة أخرى». وخلال حرب الخليج الأولى (1990 1991) عملت طائرات الحلفاء في الجو وعملاء أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية في البر على كشف أماكن المنصات المتحركة لصواريخ «سكود» والتي عمد الجيش العراقي حينها الى إخفائها في مجاري الأنهار وقنوات المياه فكانت تطلق الصواريخ وتعود بسرعة لتختفي في مخابئها. وقال بروس رايدل الضابط السابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية «سي. آي. ايه» والخبير في معهد بروكينغز «لقد نفذنا آلاف المهمات الجوية في محاولاتنا لتدمير صواريخ «سكود» التي كان يملكها صدام حسين ويطلقها على اسرائيل وبعد الحرب اكتشفنا أننا أخفقنا في كل تلك المهمّات». ولكن منذ ذاك تطورت أجهزة الرصد والاستشعار كثيرا فضلا عن أن مساحة لبنان أصغر بكثير من مساحة العراق مما يجعل مهمة المراقبة والرصد أسهل، اضافة الى هذا فإن اسرائيل تمتلك «استخبارات جيدة جدا هناك (في لبنان)». كما يؤكد رايدل، مضيفا «بالتالي فإنهم قد يبلون بلاء أفضل على الأرجح».