إلقاء بيض.. شتائم.. تشابك بالأيدي.. تبادل لكمات.. قنابل دخانية.. المشهد يحيل على مدرجات ملعب كرة انفلتت فيها الأعصاب.. وغاب العقل وتكلّمت المشاعر وتصاعد التوتر.. لتحضر المشاهد التي نعرف (والتي ذكرنا) ولترمى الشماريخ ويعمّ الدخان ويشعر المتابع وكأنه في ملعب كرة اشتعل فيه جنون الكرة.. لكن المشهد الذي ذكرنا لم يكن داخل ملعب كرة فيه الحوار بالأهداف والأقدام.. بل داخل ملعب من نوع آخر فيه الحوار بالعقول والأفكار والكلام.. والقصّة احتضنها البرلمان الأوكراني في جلسة يوم أمس بمناسبة مصادقة البرلمان على اتفاق مثير للجدل يقضي ببقاء الأسطول الروسي في شبه جزيرة القرم (في البحر الأسود).. النقاش بين المؤيدين والمعارضين تحوّل الى جدل.. والجدل الى جدال.. والجدال الى اشتباكات حضرت فيها كل الأسلحة الخفيفة والثقيلة من تراشق بالبيض وتبادل للكمات وتجاذب من الشعر.. وبالمحصلة تحوّلت الجلسة البرلمانية الى حلبة صراع.. واشتدت حرارة الحوار الديمقراطي ليصبح حوارا «لكماتي».. فاز فيه مؤيدو الرئيس (دعاة توثيق العلاقات مع الجار الروسي) على أنصار القطيعة مع روسيا والارتماء في أحضان أمريكا بالنقاط.. ولولا تدخل الحكم (الأمن الأوكراني) الذي ألقى القنابل الدخانية لحسم هذا «الحوار البرلماني الساخن جدا» لاضطرّ مدرب أحد الشقّين الى رمي المنديل ولسالت الدماء واضطرّ مجلس الأمن الى التدخل تحت البند السابع لفكّ الاشتباك و«تحرير» البرلمان الأوكراني من «المشاغبين البرلمانيين».. ولاضطرّ الجماعة إياهم الى تمرير قانون «التدخل البرلماني» على شاكلة قانون التدخل الانساني يشرّع لتدخل قوات أممية لفضّ الاشتباكات البرلمانية ولنشر قوات فصل أممية.. يا جماهير الكرة ويا مجانينها اطمئنوا.. لستم وحدكم في الميدان.. فأتباعكم يوجدون أيضا تحت قبّة البرلمان!!