أكوام من الحجارة الصغيرة تغطيها الأتربة والفضلات، غبار كثيف على الواجهات البلورية لمحلات الأكلات السريعة وبيع اللحوم والحلويات، صعوبة كبيرة في المرور من بعض الأزقة، أطفال محرومون من اللعب أمام بيوتهم، تذمر صارخ من المتساكنين ومن أصحاب المحلات وحتى الباعة المتجولين، هو مشهد تكرر في الآونة الأخيرة في أحياء مختلفة من منطقة سيدي حسين (غرب العاصمة) التي تشهد جملة من الأشغال العمومية كإدخال غاز الاستهلاك المنزلي وتشييد أنابيب ناقلة للمياه الراكدة بالسبخة الى جهة العطار واعادة ترميم بعض الطرقات التي تفقد صلابتها عند تهاطل الأمطار. لا تستطيع الخروج الا بقفزة في الهواء على أكوام الحجارة التي اعتلت باب محلها الذي أغلق لأكثر من يومين.. هو حال السيدة نبيلة (30 سنة) صاحبة معطم صغير تقول: «من غير المعقول أن تكون الأشغال على حساب مورد رزقنا فقد تراكمت فضلات الحفر أمام محل عملي مما تسبب في اغلاقه بعض الوقت وفي ايجاد صعوبة في الخروج او الدخول او خدمة الحرفاء...». وغير بعيد عنها محل لبيع الحلويات والعصائر.. كان صاحبه منهمكا في تغطية السلع المعروضة للبيع بألحفة بيضاء فيما كان صانعه يسكب بعض الماء أمام المحل، سألناه فأشار الى حفرة كبيرة وعميقة بها ماء راكد وأوساخ تجمع فوقها «الناموس» وقال: «هو حال الاشغال التي لا تنتهي، فقد أعلنت البلدية ان مدتها ستكون 18 شهرا.. ثم توقفت الاشغال فظل المكان هكذا، روائح كريهة، ماء راكد وأتربة في كل مكان. فماذا عسانا أن نقول أو نفعل؟». أشغال مهمة ولكن! رواد المقاهي الشعبية الذين كانوا يخيرون الجلوس في الهواء الطلق للاستمتاع بالهواء النقي وشمس الربيع الدافئة هم ايضا قد حزموا كراسيهم و«شيشهم» الى الداخل بعيدا عن الاتربة وضجيج الآلات المزعج، أحدهم سائق تاكسي يدعى (محمد 25 سنة) يقول «رغم ان الأشغال هامة وفي صالحنا العام الا أنها ستأخذ وقتا طويلا (أكثر من سنة) ثم لماذا لا يعلموننا قبل البدء بالحفر عن هذا المشروع ووقت انجازه بالضبط...». محلات صيانة السيارات وبيع الدواجن واللحوم هي ايضا قد انغلقت على نفسها، العم فتحي (50 سنة) صاحب محل لتصليح السيارات، يقول: «الطريق الرئيسي أغلقته الحُفر وأنا أتعامل مع السيارات التي لا أجد أين أركنها لإصلاحها.. كيف سنعيش اذا ما أغلقنا محلات رزقنا لأكثر من 18 شهرا (حسب اللافتة)، ثم لماذا هذا التباطؤ في اتمام الاشغال، حتى أطفالنا محرومون من اللعب أمام بيوتنا...» حماية من الأمطار في أحد الأحياء الأخرى بمنطقة حي مراد من الجهة نفسها، كان مجموعة من العمال منهمكين في رفع الحجارة بعد ان ألقوا بأحذيتهم على جانب من الرصيف وعلق البعض منهم معاطفهم على شباك خارجي لأحد المنازل... السيد مراد (35 سنة) مسؤول عن أشغال ترميم الطرقات لحمايتها من مياه الأمطار يقول: «هي أشغال عمومية تهدف الى صيانة المنازل والمحلات من مخلفات انجراف التربة عند تهاطل المطر... ورغم ان هذه الأشغال تقلق البضع خصوصا من يقطن في أنهج ضيقة الا أنها تظل مهمة وهي على كل حال لن تدوم كثيرا...» كان قلق المواطن وضجره بهذه الاشغال من باب تعطل نسق نشاطه اليومي... الا ان للهياكل المشرفة على هذه المشاريع دورا في توعيته من جانب وتنظيم هذه العملية من جانب آخر عبر توفير أمكنة لنقل فضلات الأشغال على الأقل.