تعتبر الملاءمة بين خصائص الطالب ومتطلبات المجال التعليمي أو المهني من أهم الخطوات في توجيه الطالب تعليميا ومهنيا. ذلك لأنها النقطة التي تنطلق منها أهم قرارات الطالب نحو اختيار المجال أو التخصص التعليمي أو المهني الذي قد يكون مصدرا لنجاحه وسعادته في حياته العملية أو سببا في فشله وخيبة أمله. بناء على سلامة التنفيذ والتطبيق لهذه الخطوة التي يتم فيها مساعدة الطالب في التوفيق والمواءمة بين خصائصه وقدراته ومواهبه واستعداداته وبين ظروف ومتطلبات المجال الذي سيختاره، يتحقق حسن الاختيار وسلامة اتخاذ القرار الذي يؤدي في النهاية إلى وضع الطالب المناسب في المجال المناسب. للوصول إلى تحقيق المعادلة المنشودة «الطالب المناسب في المجال المناسب» لا بد من أن نضع في الحسبان مجموعة من الاعتبارات عند اختيار الكلية أو مجال التخصص باعتبارها آليات الوصول لهذه المعادلة. **أولا الاعتبارات الشخصية: نعني بالاعتبارات الشخصية هنا ميول ورغبة الطالب نفسه في الالتحاق بتخصص معين على أساس أنه من أهم عوامل نجاح الفرد في تخصص ما هو توافر الرغبة في الالتحاق به منذ البداية ولكن على الطالب أن يتذكر دائما أن اختيار تخصص علمي أو مهني يناسب ميوله ورغباته لا بد له من أن يتوفر فيه الآتي: * يساعد على تحقيق الذات. * يعطي فرصة للعمل بمجال يلائم قدرات وإمكانات الشخص. * أن يكون مريحا نفسيا وبالتالي ممارسة العمل فيه مستقبلا تكون باستمتاع. * يساهم هذا التخصص الذي يرى الطالب / الطالبة أنه يتناسب مع ميوله ورغباته في تطوير طموحاته الاجتماعية والاقتصادية. وإذا وجدت أن هذا التخصص الذي رأيت أنه يناسب ميولك لم يحقق لك العناصر السابقة عليك أن تصرف النظر عنه لأن قرارك في هذه الحالة لا بد أنه قد جاء نتيجة عاطفة وبعيدا عن الدراسة والتأني وعدم المعرفة بقدراتك. **ثانيا: الا عتبارات البدنية: عند اختيار الطالب لتخصص علمي يؤهله للالتحاق بمهنة معينة عليه أن يلقي نظرة على الاعتبارات البدنية والجسدية المؤهلة للعمل بهذه المهنة لأن أي عمل يحتاج إلى طاقة وقدرة بدنية وعقلية مهما كان هذا العمل بسيطا. فالوفاء بمتطلبات العمل البدنية يحتاج إلى سلامة الأعضاء والحواس اللازمة لها، فإذا كان الشخص مثلا لا يستطيع الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة عليه أن يختار التخصص الذي يتناسب مع حالته الصحية، وكذلك من لا يستطيع التمييز بين الألوان لا يصلح لأن يعمل في معمل كيمائي. نود أن نؤكد على أنه ليس معنى اختفاء قدرة من القدرات البدنية أو ضعف حاسة أو فقدها لدى شخص يعني أنه لا يصلح للعمل، ولكن عليه حُسن اختيار التخصص الذي يتلاءم مع حالته البدنية. **ثالثا: اعتبارات تتعلق بطبيعة الدراسة: إن بعض التخصصات يكون بالإمكان العمل بناء عليها مباشرة فور التخرج، مثل: الهندسة، والزراعة، وطب الأسنان.. بينما في تخصصات أخرى يكون الحصول على فرصة عمل من خلالها مرهون بدراسات إضافية تكميلية أكثر تخصصا، مثل: الفلسفة، والآداب، والاقتصاد، أو التربية العامة. **رابعا: اعتبارات تتعلق بطبيعة العمل: كما أنه على الطالب عند اختياره لتخصص علمي يؤهله للالتحاق بمهنة معينة أن يعي المتطلبات الخاصة بهذا العمل، ولا بد من وضعها في الاعتبار، مثل توافر صفات شخصية معينة من يفتقدها لا يصلح للعمل فيه. مثلا مجال الإعلام والدعاية والتسويق والعلاقات العامة باعتبارها من المهن التي لا تتم بمعزل عن الجمهور فتناسب الشخص الذي يميل للعمل مع الناس، ومجال المحاسبة والحاسب الآلي والترجمة والأبحاث تناسب الأشخاص الذين لا يفضلون التعامل مع الجماهير. هناك بعض المهن تحتاج إلى كثرة السفر والبقاء خارج المنزل لفترات طويلة، مثل: الضابط في الجيش، أو المرشد السياحي والبعض الآخر يحتاج للعمل في أوقات غير اعتيادية، مثل: الطب، والتمريض، والبعض يعتمد على الأجرة الشهرية الثابتة، والبعض لا تتم ممارسته إلا من خلال الأعمال الحرة، وعليه فلا بد من وضع هذه الاعتبارات ومدى ملاءمتها لي ولاحتياجاتي وظروفي قبل الاختيار. **خامسا: اعتبارات اجتماعية واقتصادية: وهي اعتبارات نشعر بها يوميا، ونتحدث عنها مع أقربائنا وأصدقائنا، ومنها مكانة العائلة الاجتماعية، وعمل الأهل، واعتبارات متعلقة بكون الطالب شاب أو شابة فهناك مهن تناسب الرجل، وأخرى تناسب المرأة في مجتمعنا، ولا نجزم هنا أن هذه الاعتبارات النوعية صحيحة؛ لأنها اعتبارات شخصية تختلف باختلاف الظروف الاجتماعية لكل منا، ولكن يجب أخذها في الاعتبار عند اختيار التخصص العلمي والمهني. ونشير أيضا إلى أن بعض التخصصات تستلزم أحيانا الدراسة في أماكن بعيدة عن المدينة أو الدولة التي تقيم فيها الأسرة، ويجب وضع ذلك في الاعتبار تبعا لدرجة اعتمادية الطالب على نفسه وارتباطه بالأسرة. **قرار سليم ماذا نتعلم؟ وماذا نريد أن نكون في المستقبل؟ قرار صعب، ومحير، واتخاذه يحتاج إلى التفكير والمشورة، وعادة ما نحصل على مشورة من الأصدقاء والعائلة، وهي مشورة غالبا ما تكون متأثرة بالرأي الشخصي لمن يعطيك المشورة؛ ولذا نقترح عليك أن تضع في حسبانك كل الاعتبارات التي عرضناها عليك مع الاجتهاد في الحصول على المعلومات والبيانات الكافية والدقيقة عن كل التخصصات المتاحة أمامك، ومن مصادر مختلفة حتى يتسنى لك التوصل إلى قرار سليم، على أساس من البحث والتفكير والتقييم فتصل إلى التخصص المناسب الذي تكون أنت مناسبا له أيضا.