فجأة وبدون سابق شعار.. وبهدوء تام غادرنا القائد الكشفي الهادي الكعباشي خلال الأسبوع الأخير من شهر مارس الماضي عن سن تناهز الرابعة والثمانين (84) قضى أكثرها مناضلا حزبيا ومربيا فاضلا وقائدا كشفيا. والقائد كعباشي أصيل نفطة (الجريد) حفظ في طفولته ما تيسر من القرآن الكريم وبحكم ما عليه من يتم وخصاصة وجهه قائده في الكشافة لتعلم صناعة «النجارة» وبمجرد حذقها واتقانها انتقل الى منجم المتلوي ليفتح هناك محلا صناعيا في اختصاصه.. وينظم لصفوف فوج الكشافة الذي كان يقوده البشير لحول وعبد الحميد بلعيد وكون فرقة كشفية هناك اختار أن يكون أفرادها من بين أبناء العمال المغاربيين (تونس والجزائر وليبيا والمغرب) وتمكن من تنشيطها وتسييرها بنجاح كما انظم الى فريق الجوالة الممتاز الذي كان الفوج يؤهل أفراده إلى النضال الوطني. وفي سنة 1956 اختار الاستقرار بالعاصمة وكلفته هناك القيادة العامة للكشافة بمضيف مأوى الكشاف بنهج بوخريص باب منارة. تحت إدارة القائد عبد الحميد لسود (أطال اللّه عمره) وهناك أيضا بعث الى الوجود فوج كشفي بلافيات المتواجد لحد الآن.. وأخذ هو على عاتقه قيادة الفرقة الأولى التي أصبحت بعد مراحل كشفية معينة تحمل اسم ابن خلدون الأولى.. وأصبحت رائدة في قسم الكشافة ومضربا للأمثال تمثل الجمعية في المحافل الكشفية الدولية.. وتغامر بالترحال والسفر والتخييم بالمخيمات الحرة في أوروبا. وفي تلك الفترة أيضا كان المرحوم يناضل في صفوف الحزب وأصبح عضوا بشعبة الحدائق.. ثم رئيسها.. وأيضا انتخب لعضوية الشعبة المهنية ببلدية العاصمة. بالاضافة الى مساهمته في بعث كامل الأنشطة الاجتماعية والشعبية التابعة للبلدية مثل مصائف الأطفال ومصائف العائلات وتنشيط الأحياء وبعث مؤسسات رياض ونوادي الأطفال. وكان المرحوم عصاميا.. مثابرا على التكوين والاستفادة وكسب المهارة وتفعيل التجارب وتطوير الخبرة حتى حذق بامتياز أسلوب التشنيط وفن التربية وخبرة التأطير ومقدرة الاحاطة.. وواكب الأحداث.. والتحديث والتقدم والرقي وصنع من نفسه بحق قائدا ورائدا ومؤطرا ومكونا.. حاذقا لأسلوب وطرائق وفنيات التربية الكشفية. وأنتج للبلاد والعباد شبانا متعلمين قادرين.. حملوا المشعل عن جدارة والكثير منهم الآن إطارات عليا ثقافية وعلمية وقضائية وسياسية في تونس وخارجها. وبالرغم من وصولهم الى المراتب العليا مهنيا واجتماعيا وسياسيا، فإنه بقي مرجعهم عند الحاجة.. يحظى بتقديرهم. وأصروا على أن يكون دائما قائدهم ورائدهم.. وخير موجها لهم ومؤطرا. رحمك اللّه أيها القائد الفذ وأسكنك فراديس جنانه وعزاء وصبرا لعائلته ولأسرته الكشفية الموسعة. رفاق دربه: المنصف الشريف