قد يكون أسلوب سرد هذه الاحداث مستوحى مما احتفظت به الذاكرة من كتاب «كليلة ودمنة» لابن المقفع ولكن كل ما سأرويه هو حقيقة كان مسرحها مقابلة كرة القدم التي دارت في الثاني من ماي 2010 بين المستقبل الرياضي بالقصرين والقوافل الرياضية بقفصة. دعوني أذكركم قبل ذلك أن ولاية القصرين منطقة فلاحية بالاساس تحتل فيها تربية الماشية أهمية بالغة وتعد خرفانها بعشرات الآلاف، وقد تعود «العلوش» الحضور في كل المناسبات ليقف الى جانب أهالي القصرين في كل مناسباتهم مترجما عن تعلقهم الكبير بطقوسهم الدينية وبعاداتهم وتقاليدهم وليكون رمزا لكرمهم وشهامتهم، لذلك قرر معشر الخرفان أن يمثلهم «علوش» في هذه المقابلة ليكون قربانا يتقرب به أبناء المستقبل الى الله سبحانه وتعالى ليحقق أملهم وأمل كل أهالي الولاية لتحقيق البقاء في بطولة يصعب فيها الانتصار حتى وان كنت من قاهري الكبار وخاصة في هذه المرحلة من المشوار. كل من واكب المقابلة وتابع مجرياتها حسب ما نقلته بعض وسائل الاعلام المرئية خاصة، واستنكر ما قام به هذا «العلوش» وقد يحملونه مسؤولية مغادرة المستقبل الرياضي بالقصرين للبطولة المحترفة الاولى. أمام خطورة ما آلت إليه مهمة «العلوش» ودفاعا عن مكانة الخرفان كلفت لجنة لتقصي الحقائق للوقوف على مدى تورطه في ما آلت اليه مجريات اللقاء المذكور وقد تبين من خلال تقريرها ما يلي: 1 أن الآثار البسيطة للدماء التي تركها فوق الملعب كانت سببا مباشرا في بداية استفزاز جمهور المستقبل الرياضي بالقصرين وذلك عندما بادر طاقم التحكيم بالامر بإزالتها قبل بداية المقابلة الشيء الذي أثار حفيظة الحاضرين ورأوا فيه مسا لمعتقداتهم وعدم احترام لطقوسهم خاصة وأن الخرفان تسجل حضورها بكثافة في ملاعبنا في مثل هذه المرحلة العصيبة من البطولة، ولم يسجل في تاريخ بطولتنا أن ساهم أحدهم في تغيير نتيجة أي لقاء أو تحديد مصير أي فريق. 2 أن «العلوش» المعني بالامر تعمد ترك دمائه بمكان نحره قرب المدارج ليوهم بعض وسائل الاعلام المرئية أنها دماء أحد المتضررين من رمي المقذوفات مما ساهم في اعطاء صورة خاطئة عن حقيقة ما وقع خاصة أن المعلقين على الحدث وهم على بعد مئات الأميال من مسرح المقابلة عبروا عن مواقفهم من خلال صور «مركبة» جمعت بين هذه الدماء وصورة للمقذوفات على أرضية الملعب ولقطات لجمهور يهرول هربا بجلده بعد انهاء اللقاء في ظروف غير واضحة. 3 أن «العلوش» مكن الذين خططوا ببراعة لإنهاء المقابلة في مثل تلك الظروف من مؤيدات سيستخدمونها لمحاولة إقرار نتيجة المقابلة والاساءة لصورة جهة بأكملها. 4 ان جمهور المستقبل الرياضي بالقصرين ساهم في فشل مهمة «العلوش» وأنه كان مطالبا بضبط النفس أمام كل ما تعرض له من استفزازات تمس من معتقداته وتخدش حياءه مثل الحركة اللاخلاقية التي أتى بها لاعب القوافل الرياضية بقفصة محمد «الحكيم» وأنه كان عليه التنبؤ والتفطن للشرذمة التي اندست فيه لغاية لا يعلمها الا من أوعز لهم بذلك لتسيء الى وطن بأكمله أو كان عليهم الاحجام عن حضور هذا اللقاء مثل الذين تغيبوا عنه «لخوفهم» من النتيجة التي آلت اليها المقابلة قبل أن تلعب؟.