قلتُ قبل سنوات إنّنا أصبحنا من مواطني «مِيسَاجِسْتَانْ»! نسبةً إلى مَسَّجَ يُمَسِّجُ تمْسِيجًا! أي أرسَلَ إليك ميساجًا! والميساجُ لِمَنْ لا يَعْلَمُ، هو تلكَ الإرساليّةُ القصيرةُ «اِبْنَةُ» الهواتف الجوّالة، التي ظهرت لِمَحْوِ المسافة الفاصلة بيننا وبين أحبابنا، فإذا هي تزيد الفتق فتقًا والبعد بعدًا! حتى لم نعد نعرف أيّ وجه يغلبُ عليها: وجه قضاء الحاجة، أم وجه الفضول واللجاجة؟! قلتُ ذلك قبل سنوات...أمّا هذه الأيّام فإنّي لا أجد الكلمات لوصف حرب الميساجات التي يشتعل أوارُها ويتصاعد دخانُها، بين شركاتٍ الاتّصال التي تتنافسُ على سوق الجوّال!! هذه تأخذُك في زيارة بلا «نيارة»، والأخرى تهديك مساحة «ثرثارة»، والثالثة تعدك بسيّارة! كلّ ذلك بدعوى إغرائنا بالاشتراك في هذه الخدمة أو تلك، بينما النتيجةُ أن نقع «ضحيّة» هذه الشركة أو تلك!! فلا أثَرَ لهذه الحرب المسعورة على الفاتورة! وليس من حطبٍ لها غيرنا طبعًا! وكأنْ لا حياةَ لمن تنادي ولا شغلَ إلاّ التمسيج للرائح والغادي...المهمّ أن «يمسّج» شَبَابُ العُلاَ و«يُُشاتي» و«يُباطي» حتى ذهاب عينيه أو طلوع الفلوس من جيوب والِدَيْهِ! قبل سنوات رجّح أمبرتو إيكو أنّ شغفنا بوسائل الاتّصال الحديثة راجع إلى شغفنا بحبل السرّة الضائع!! أمّا أنا فأرجّح أنّها طريقة طريفة كي يعرف «الخَلْدُونِيُّونَ الجُدُد» مَنِ الغالبُ ومَنِ المغلوبُ؟ مَنِ الحلاّبُ ومَنِ البقرةُ الحَلُوبُ؟!