لا ينوي التحدث عن ذاكرة المهجر كما لا ينوي «مغادرة» غربته... زاده في المهجر انطباعات جميلة يحتفظ بها عن الوطن. زار تونس خلال الاسبوع الماضي بصفته منظما للملتقى الدولي المنتظم من 10 الى 12 ماي الجاري بالحمامات بمشاركة 22 دولة لتقديم آخر مستجدات تقنيات التطوير في مجال الاعلامية... قائلا ان تنظيم هذا الملتقى في دورته الثامنة ولأول مرة في تونس كان ثمرة جهد بذله في المهجر من أجل الوطن... وإن الوطن مستفيد بامتياز من تحركات كفاءاته في المهجر. وصلنا صوته عبر الهاتف بعد يومين فقط من اختتام الملتقى وقبل ساعات من مغادرته نحو بلد الإقامة.. يقول «إنني لا أفكّر في العودة وأفضل الاحتفاظ بمنصبي هناك وباستطاعتي مساعدة الوطن من المهجر». قرار المغادرة يبلغ عمر غربة محدثنا السيد نضال رزق مدير مخبر بحث حول الهندسة الصناعية ومدير كلية الرياضيات والاعلامية والآلية والميكانيكية، بماتز الفرنسية 19 عاما... سنوات كانت كافية لإكسابه خبرة أكد انه مستعدّ لتحويلها الى الوطن. كان من أوائل دفعته عام 1991 في اختصاص الهندسة الكهربائية.. عندما فضّل المغادرة الى مدينة ليون الفرنسية لاستكمال مرحلة ثالثة في الآلية الصناعية... فلم يحد عن سرب المتميزين في دراستهم في الوطن الذين فضلوا ويفضلون قرار الاغتراب لأسباب عالقة بطموحات الدراسة وبحثا عن فرص حياة أفضل... ثم لا يعودون. قال محدثنا إن بدايته المهنية كانت في فرنسا حيث باشر عمله كأستاذ محاضر في المعهد المركزي بليون.. ثم انتقل الى برانزويك الكندية حيث درّس الهندسة الصناعية في جامعة نيو برانزويك لمدة عامين (من 1997 الى 1999) عاد بعدها إلى جامعة ماتس بفرنسا للمشاركة في مشروع بحث بمعهد البحوث في الاعلامية والآلية. الفائدة... أكاديمية وعن استفادة الوطن من كفاءاته المهاجرة قال إنه تقدّم بمطلب رسمي قصد تنظيم الدورة الثامنة من هذا الملتقى الدولي الذي شارك فيه حوالي 300 خبير محاضر حول مستجدات تطوير البرمجيات والتقنيات الاعلامية، في تونس... وأن هذا المطلب شهد منافسة صعبة مع مدينتي بوردو وليل الفرنسيتين لكنه تم اختيار تونس لاحتضان الدورة «وتلك كانت احدى نقاط استفادة الوطن من تواجدي بالمهجر» على حدّ قوله. كما ذكر ان الملتقى أثمر زيادة في عدد الطلبة الباحثين الملتحقين بالمخبر الذي يشرف على إدارته... ليشمل المخبر أستاذين محاضرين وحوالي 15 طالبا باحثا من أبناء الوطن. وأثمر الملتقى أيضا اتفاقيات حول تبادل الخبرات بين الخبراء التونسيين ونظرائهم في دول غرب أوروبا وشمال وجنوب أمريكا واليابان بالاضافة الى تبادل الخبرات مع دول في المشرق العربي... مؤكدا ان تونس هي البلد النامي الوحيد الذي احتضن هذا الملتقى الى حد الآن. الميز العنصري «أفضل الاستمرار هناك فأنا قادر على مساعدة الوطن من المهجر» هكذا ردّ على سؤالنا حول مدى رغبته في العودة الى تونس. وأضاف انه واجه مثل الجميع في بداية اغترابه صعوبات وصفها بالعادية مؤكدا ان الكفاءة وحدها الضامن لمدى قدرة المغترب على الاندماج في مجتمع الإقامة. نسأله عن مدى صحة ما يردده عدد من الكفاءات المهاجرة حول تنامي ظاهرة الميز العنصري ضدهم في المحيط العملي حدّ إهانتهم والتقليص من شأن ما ينجزونه من مهمات وظيفية وبحوث فيردّ بصوت هادئ «دائما هناك صعوبات لكن الكفاءة مهمة وأهم منها التنافسية». وأضاف «قلّة هم أصحاب القرار الفرنسيون الذين يفكرون بهذا المنطق العنصري.. هم فئة صغيرة فحسب». وعن القطيعة بين الكفاءات من أبناء الوطن في بلد الاقامة أوضح ضيفنا السيد نضال رزق مدير مخبر بحث حول الهندسة الصناعية ومدير كلية الرياضيات والاعلامية والآلية والميكانيكية بجامعة ماتز بفرنسا ان هناك روابط بين الباحثين في المهجر والدليل تواجد حوالي 17 تونسيا في نفس المخبر. كما قال ان الوطن لم ينس تلك الكفاءات اذ تتم دعوتهم على الاقل مرتين في السنة لتقديم محاضرات او المشاركة في ملتقيات للاستفادة من خبرتهم في الوطن.