يقول مطلع التقديم الذي وضعه جامع هذه النصوص ومقدمها... نقدم في هذا الكتاب مجموعة رسائل الجنرال رشيد التي كتبها خلال توليه قيادة البعثة العسكرية التونسية والمشاركة في حرب القرم بين سنتي 1854 و1856... وكتبها الجنرال ابتداء من وصوله إلى جزيرة مالطة في آخر شهر شوال 1270ه في اتجاهه إلى استانبول وانتهاء بوصوله إلى الجزيرة عند عودته في اتجاهه إلى تونس في نهاية ذي القعدة 1272 هجرية... وتحدث التقديم بعد ذلك عن جزئي الكتاب فذكر بأن الجزء الأول «يضم الرسائل الموجهة إلى المشير أحمد باي ووزيره للعمالة مصطفى خزندار وهي التي انحصر تاريخها بين آخر شوال سنة 1270 هجرية وأوائل شهر شوال 1271 عند وصول خبر وفاة الباي للبعثة...» وعدد هذه الرسائل 55 رسالة. أمّا الجزء الثاني فهو يحتوي على مجموع الرسائل الموجهة إلى المشير محمد باي عند توليه الحكم بعد وفاة سلفه إلى عودة البعثة إلى تونس وقد ألحق الباحث هذين الجزأين بملحق خاص جمع فيه سبع وثائق والغرض من ذلك كما يذكر «مزيد التعريف بالجنرال رشيد وهي وثائق متصلة بترقيات الجنرال في الرتب العسكرية ومنح وأوسمة حصل عليها المعني بالدراسة ومختلف المهام التي تولاها في قيادة العسكر. ثم بين التقديم بعد ذلك أهمية هذه الرسائل باعتبار أنها كما يذكر «تشمل آثار قائد عسكري من رجالات القرن التاسع عشر في تونس له مكانته السياسية والعسكرية في الدولة...». ولاحظ التقديم أن هذه الرسائل ليست كل ما كتب الجنرال رشيد أثناء حرب القرم وإنما ما أمكن الحصول عليه وأبان التقديم عن الهدف من جمع الرسائل وفصل المنهج المعتمد في تحقيقها وعرّف بعد ذلك بصاحبها وبإطارها التاريخي وكذلك بالإطار الجغرافي الذي كتبت فيه الرسائل. وألقى الكتاب نظرة عامة على محتوى الرسائل وحصره في المشاكل التي واجهت الجنرال وفي الأخبار عن أوضاع العسكر التونسي والأخبار عن مجريات الحرب والسياسة وكذلك رأي الجنرال في الضباط الأتراك الذين حارب تحت قيادتهم. وفتح التقديم في نهايته «نافذة كما يذكر الباحث على المشاركة التونسية في حرب القرم والمتمثلة كما يذكر في ثمانية الاف جندي وبعض القطع البحرية أرسلت على ثلاث دفعات. إن العدد الجملي للرسائل التي وجهها الجنرال رشيد إلى الدولة التونسية خلال هذه الحرب والتي أمكن جمعها في هذا الكتاب يبلغ 133 رسالة. وللتذكير فإن حرب القرم هذه نشبت بين «دولة الموسكو (روسيا) والدولة العثمانية بسبب أطماع الأولى في ممتلكات الثانية.. وقد ساهمت فيها إيالة تونس ببعثة عسكرية قادها الجنرال رشيد. وانتهى الكتاب بقائمة المصادر والمراجع المستخدمة في البحث.