تونس 14 ديسمبر 2009 (وات) يعكس تاريخ الجيش الوطني الحافل بالملاحم والاحداث التاريخية مسيرة الجندى التونسي على مدار أكثر من ثلاثة من عام. فمنذ الحروب البونية والتي برز خلالها القائد العسكرى الفذ حنبعل ومرورا بالعصر الحديث الذى شهد الانجازات الباهرة للمقاومين التونسيين في وجه الاحتلال الفرنسي أو عبر المساهمة الفاعلة في الفترة الحالية للجيش الوطني في الجهود الاممية لاحلال السلام برهن الجندى التونسي دوما عن روح قتالية عالية وشجاعة وتفان وتضحيات في خدمة تونس وقضاياها العادلة. وقد قامت اللجنة الوطنية للتاريخ العسكرى التابعة لوزارة الدفاع الوطني بمبادرات وجهود متعددة في سبيل تثمين أفضل للتاريخ العسكرى واخرها تنظيم ندوة دولية حول التاريخ العسكرى في أوائل شهر ديسمبر الجارى حول موضوع /الانشطة البحرية والجيوستراتيجيا/. وجدير بالتذكير أن المحافظة على التراث التاريخي العسكرى التونسي وتثمينه حظيا دوما بكبير الاهتمام على أعلى مستوى.فقد دون الرئيس زين العابدين بن علي في السجل الذهبي للمتحف العسكرى الوطني بمناسبة افتتاحه للعموم يوم 24 جوان 1989 أنه "بتضافر الجهود وتعزيز البحث يمكننا اثراء هذا المتحف الذى نريده باعتباره متحفا عسكريا وطنيا أن يكون فضاء يحفظ تراث شعبنا ويكشف عن كنوزه لابناء وطننا ولكل المولعين بدراسة تاريخ الشعوب وما تركته من معالم أثرية". وقد تجسد مجهود حفظ التاريخ العسكرى التونسي من خلال جملة من الاعمال والمشاريع منها خاصة بناء اربعة متاحف محورية تم تركيزها بعدد من المواقع الثرية بمدلولاتها التاريخية. ويتعلق الامر بالمتحف العسكرى الوطني وبالمتحف العسكرى لخط مارث ومتحف الذاكرة الوطنية بالسيجومي ومتحف الذاكرة المشتركة التونسيةالجزائرية بغار الدماء. وسيتم قريبا تركيز متحف خامس بموقع روضة الشهداء ببنزرت. ويخص هذا المشروع معركة بنزرت جويلية1961 . وتتميز هذه المتاحف المفتوحة امام العموم بجملة من الخصوصيات سواء على صعيد المحاور المطروحة او على مستوى التقنيات المستخدمة. ويتم تامين زيارات منظمة من قبل مختصين يستعملون اللغات العربية والفرنسية والالمانية والانقليزية. وضمن شبكة المتاحف العسكرية الثرية الموجودة بتونس يمثل /قصر الوردة/ صورة رائعة للمعمار التونسي في القرن الثامن عشر. وقد حفظت في هذا المتحف اكثر من 21 الف قطعة قديمة مكونة من تجهيزات عسكرية واسلحة وازياء تعود الى مختلف احقاب التاريخ العسكرى المجيد للبلاد. ويتميز القصر الذى بني سنة 1798 في عهد حكم الباى الحسيني حمودة باشا بتاريخ ثرى. وهكذا وبعد ان خصص كاقامة صيفية لبايات تونس تم وضعه على ذمة سلاح المدفعية التابع للجيش التونسي سنة 1839 قبل ان يتم تحويله الى مقر للخيالة العسكرية التونسية خلال الفترة من 1840 الى 1881 تاريخ الاحتلال الفرنسي الذى اصبح بعده قصر الوردة مقر قيادة جيش الاحتلال. وقد تم تحويل غرف القصر ال 13 التي تحيط بالساحة الداخلية التي تضم نافورة مياه من المرمر الى قاعات عرض محورية لعديد مجموعات القطع العسكرية القديمة. وتمثل القطع المعروضة مجموعة ثرية مكونة من قذائف المنجنيق تعود الى العهد البيزنطي والاسلحة البيضاء والاسلحة النارية القديمة وقبعات عسكرية وازياء وشعارات عسكرية تعود الى حقبة الحروب البونية بين قرطاج وروما. وتشهد هذه القطع ايضا على العصر الحديث المتسم بحضور قوات الاحتلال في تونس والمقاومة العسكرية للشعب التونسي او ايضا الحقبة المعاصرة مع بعث أول نواة للجيش التونسي سنة 1956 . وتعتبر قاعة اسلحة القرن 19 من بين اجمل واهم مكونات المتحف العسكرى الوطني حيث نجد فيها معظم الاسلحة المستخدمة من قبل الجيش التونسي خلال حرب القرم التي دارت بين الامبراطورية العثمانية وروسيا/بين 1854 و1856/. وقد شاركت تونس خلال هذه الحرب مثلما افاد بذلك مدير التراث الاعلامي والثقافي التابع لوزارة الدفاع الوطني بفرقة تضم 14 الف جندى. اما متحف الذاكرة الوطنية الذى يتناول محورا مغايرا والواقع بالسيجومي بالضاحية الجنوبية الغربيةلتونس العاصمة فانه يتيح للزوار الفرصة لاستذكار مختلف مراحل حركة التحرير الوطني من اجل الاستقلال وتعزيز السيادة. ويقدم هذا المتحف برنامجا متكاملا مرفوقا بالاصوات والاضواء يتضمن خمس لوحات. وتتكون اللوحة الاولى وهي بعنوان /الحركة الوطنية/ من معرض وثائقي مرفق بتعليق صوتي باربع لغات يحكي تفاصيل مسيرة حركة التحرير الوطن. اما اللوحة الثانية وهي بعنوان "تذكر" فانها ترمز من خلال بث عرض راقص الى قصة اعدام احد الوطنيين من قبل قوات الاحتلال يختم بصوت مصم للاذان لطلقة نارية وظهور اسماء الشهداء. وتقترح اللوحتان الثالثة والرابعة المعنونتان على التوالي ب/وجوه تونسية/ و/ساحات معارك/ على الزائرين مجموعة من المنحوتات التي تستخدم مواد عدة تجسم مختلف مراحل وشخوص التاريخ التونسي. ومن خلال تنشيط سمعي بصرى تبرز هاتان اللوحتان صمود الشعب التونسي ونضاله واستعداده الدائم للذود عن حمى الوطن. وتختتم هذه الزيارة ببرنامج يستخدم التكنولوجيات الحديثة للاتصال ويحكي من خلال صور متحركة مختلف الحضارات التي تعاقبت على ارض تونس وشهادات عن الصفحات المضيئة التي خطها الشعب التونسي في كفاحه من اجل الاستقلال وبناء الدولة الحديثة. على صعيد اخر يمثل المتحف العسكرى لخط مارث نموذجا بارزا للابداع والاستخدام الناجح للتقنيات العصرية في المجال المتحفي. وقد تم تشييد هذا المتحف الواقع في الجنوب التونسي بمنطقة مارث توجان التابعة لولاية قابس احياء لذكرى حدث طبع تاريخ بلادنا ومشاركتها في احداث الحرب العالمية الثانية. ويقدم المتحف للزائر من خلال خريطة مضاءة وبواسطة تجسيم متحرك معركة مارث التي جمعت في الليلة الفاصلة بين 20 و21 مارس 1943 الجيش البريطاني الثامن وقوات المحور. ويختتم البرنامج بزيارة ميدانية لجزء من خط مارث يتيح اكتشاف التحصينات التي تم بناوها في هذا الموقع العسكرى. وتتميز تجربة متحف الذاكرة المشتركة التونسيةالجزائرية بغار الدماء بطرافة محورها وكذلك ببعدها التاريخي. ونكتشف في هذا المتحف مجموعة ثرية من الوثائق الارشيفية والصور والخرائط والاسلحة. ويتسم هذا المتحف ايضا بخصوصية موقع تركيزه في بنايات احتضنت سابقا مقر القيادة العامة لجيش التحرير الوطني الجزائرى خلال حرب الجزائر. ويشكل هذا الرصيد الثرى من المتاحف المحورية المتنوعة التي تستخدم تقنيات اتصالية عصرية احد مكونات الخارطة الوطنية للمعالم التاريخية ذات الصبغة العسكرية. وتتيح هذه المتاحف للزوار من التونسيين والاجانب فرصة اكتشاف الاحداث التاريخية التي كان لها اثرها على الحضارة الانسانية. وضمن هذا الافق تبذل حاليا جهود بهدف تهيئة مسلك سياحي عسكرى يمكن صنفا معينا من السياح المعنيين من اكتشاف مختلف مواقع المعارك المعروفة على الصعيد الدولي.