في «نافذته» المفتوحة على «الشروق الثقافي» يوم 29 ماي الماضي تحدث الاديب الاستاذ عبد الواحد براهم مشكورا عن التظاهرة التي أقامتها جمعية النهضة التمثيلية ببنزرت تخليدا لذكرى الاديب والباحث والاذاعي الكبير المرحوم الحبيب شيبوب... فوصفها بالبادرة الكريمة واللفتة الراقية... ولكنه لم يلبث مسرعا أن التف حول نفسه... فانقلب منتقدا... مصنفا المداخلات (على كثرتها) بالمرتجلة والسطحية... يا سي عبد الواحد... لماذا هذا التجني... أنت تعلم جيدا مدى تقديرنا لك واعتدادنا بمواقفك وبكتاباتك ولكن لا تظن أن أسلوب «المملسة والقادومة» يمكن أن ينطلي علينا... فلسنا صهوة يمتطيها من يريد تصفية حساباته... ولسنا من يسمح بالاستنقاص من جهدنا الخالص الذي لا نبتغي من ورائه جزاء ولا شكورا. ان جمعية النهضة التمثيلية ببنزرت عندما فكرت ثم أقدمت على اقامة هذه التظاهرة في اطار منتداها الثقافي «منتدى الفن الرابع»، انما أرادت التعبير عن الوفاء للرجل وإحياء ذكراه ولم تدع أنها تقيم ندوة أكاديمية أو ملتقى علميا للدراسة والبحث والتدقيق، ويكفيها فخرا أنها تمكنت بالتعاون مع عائلة الفقيد وأصدقائه المقربين المخلصين من إحياء هذه الذكرى بعد مرور ثلاث سنوات من النسيان. ان كان ما قاله السادة البشير العريبي والباجي بن مامي والشاذلي بن يونس وعمر البجاوي ورشيد الذوادي وصالح بيزيد والمنصف المكشر ورشيد البكاي وسهى شيبوب مجاملات سطحية وذكريات اخوانية.. فبماذا تصف ما ألقيته علينا يا سي عبد الواحد من نافذتك، هل هو علم غزير!... أو بحث مستنير!... انه يا سيدي لم يشذ عن قبيل ما استنكرته (قابلته عند فلان... واشتركنا في برنامج كذا... وكانت لقاءاتنا تتم هكذا...). قلت يا سي عبد الواحد: «... وقد كان أولى كما جرت العادة اقتصار الرثاء على ساعة التأبين أو حفل الاربعين، على أن نستغل كل ذكرى سنوية فيما بعد لتقديم دراسات تتناول ناحية من نواحي علم الرجل...» نقول: أين هذه الذكرى في حد ذاتها لماذا لم يسع أصدقاؤه الغيورون وأنت منهم لإحيائها... حتى وان اقتصرت على الرثاء والتأبين، ما ضر أن نقيم ذكرى لعلم من أعلامنا لنمجد أعماله ونعدد خصاله... أليس ذلك خير من النسيان، وحتى يعرف من لا يعرف وأنت خير العارفين، اننا في بنزرت لم نكن يوما من فئة الجحودين ولا كنا في خانة من «يتركون موتاهم يذهبون مشتاقين عنبة الدوعاجي المشهورة». فقد سبق لجمعية النهضة التمثيلية أن كرمت الحبيب شيبوب حيا وكذلك الشأن بالنسبة لنادي الصحافة ببنزرت وكنا دوما سباقين للاحتفاء بمبدعينا وتكريمهم وهم أحياء يرزقون وكنت أنت منهم... وهو أمر واجب علينا ولا منة فيه لأحد. بقي في الختام أن أضم صوتي الى صوتك في أن تعتني الدوائر الرسمية بما تركه الفقيد من تساجيل ومخطوطات أو معلقات مخزونة ولم لا تأسيس ملتقى يحمل اسمه يكون مناسبة لتعميق البحوث في مجال الأدب السردي والسمر الاذاعي وتراجم الاعلام. ومع ذلك فإن الذكرى في حد ذاتها تنفع المؤمنين... والكلمة الصادقة المؤثرة حتى وان كانت من قبيل التعبيرات العاطفية المتوهجة تنفذ الى القلوب وتؤثر في الوجدان... ولأننا نحبك ونقدرك يا سي عبد الواحد... نذكرك بالآية الكريمة: «ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء» صدق الله العظيم. ومع ذلك فالخلاف لا يفسد للود قضية. رشيد البكاي رئيس جمعية النهضة