استضاف نادي «محاورات» في دار الثقافة ابن رشيق مساء الخميس 3جوان الرّسّام محمد لمين ساسي في حوار حول مسيرته الفنية ساسي استهّل حديثه بإستحضار لحظات من طفولته مع جدّه في الحقول عندما كان يجري وراء كلاب الصيّد سعيدا بطفولته مع جدّه المفتون بالصيّد وهي احدى الهوايات التي ورثها عن جدّه الى جانب حبّه للفروسية وقال إنّه لم يكن يشعر بالفن في طفولته ولم يولد وفي يده ريشة كما يدّعي بعض الرّسّامين ولكنّه إكتشف الفن في ما بعد ولكنّه قال إنّه كان يرسم خربشات وربّما تكون رسما في اللاوعي وأكدّ ان الفن في النهاية هو اللاّوعي ولكنّه ليس لاوعي مستشفيات الأمراض العقلية. ساسي قال إن الفن أوّلا هو موهبة «من عند ربّي» يعطيها لمن أراد من عباده ولكنّها تحتاج الى تمارين ودراسة ولا ضرر إذا تمّ تدعيمها بالدراسة الأكاديمية، وأشار ساسي الى أنّه عندما يرسم لا يفكّر ولا يعنيه الى أين يمكن أن يصل باللوحة فالرّسّم عنده هو علاقة عشق مع البياض والألوان وبعد أن ينتهي من اللوحة يكون هو أوّل من يشاهدها ويقيّمها ويحاسب نفسه بقسوة ثمّ يسمح للآخرين بمشاهدتها. واعتبر ساسي أن الفن هو الضياع الكامل ولا أحد من المبدعين الكبار كان يعلم الى أن يمضي مثل الشابي وبريفير ونيرودا ولوركا وهو لا يشعر بأي سبب للرّسم سوى الحب وهو سرّ الإبداع وقال لمين ساسي أنّه يعيش مع الشعراء والكلمات ويعيش في الشّارع أيضا الذي يستلهم منه مواضيعه وشخوصه وقد بدأ الرّسم بالرّسم على الجدران. ساسي تساءل عن غياب طلبة المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس ويشك أنّ بعض أساتذتهم منعوهم من حضور هذا اللقاء وهو قرار عجيب وغريب وقال «هناك خمسة طلبة على الأقل أنجزوا أطروحات عنّي فأين إختفوا هل منعهم الأساتذة من الحضور أم إستعملوا هذه الأطروحات في ضمان وظيفة والزواج والإنجاب وهجروا البحث؟» وتحدّث لمين ساسي عن مدرسة تونس فقال إنّها تجربة مهمّة في ظروفها التاريخية وقسوة أعضائها هي التي كانت وراء خلق الحبيب بوعبانة ونجيب بلخوجة وعمارة دبّش وغيرهم ولولا مدرسة تونس لما كان هؤلاء بأسلوبهم الذي عرفوا به في قطيعة مع الأسلوب التعبيري الفلكلوري لمدرسة تونس وعيب هذه المدرسة هو إلغاؤها للآخرين وأكّد لمين ساسي أنّه لا يشبه أحدا إلاّ نفسه مع إحترامه لكل التجارب وخاصة من يعتبرهم معلميّه مثل رفيق الكامل ومحمود السهيلي والحبيب بوعبانة ونجيب بلخوجة. وأشار ساسي الى أن سوق الفن فيه فوضى كبيرة فلا يعقل أن يكون هناك 400 رسّام فهذا العدد من الرّسّامين خيالي وهو موجود فقط لإستعماله في مؤتمرات اتحاد الفنّانين التشكيليين أمّا في الحقيقة فإنّ عدد الفنّانين الحقيقيين قليل جدّا. ومن بين ضيوف هذا اللقاء كان الدكتور حسين التليلي الباحث في تاريخ الفن الذي قدّم مداخلة مهمّة حول تجربة لمين ساسي وأكدّ فيها على أنّ ساسي طفل كبر في مدرسة الحب.