لأنهج المدينة العتيقة تاريخ وملامح اضمحل أغلبها وصمد البعض منها رغم مرور السنوات والعقود الطويلة والقرون.. وقد تحدث محمود زبيس عن هذه الملامح وأفاض في الحديث عن كل ما يتعلق بتاريخ عدد كبير من انهج المدينة العتيقة والحي الأوروبي خارج الربضين ورصد التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية والمعمارية التي طرأت على ملامح انهج مدينة تونس. عاصرها الباحث ووقف على أهم التحوّلات في الشكل والمضمون لأهم المنشآت والمؤسسات والدور الفخمة التي كانت علامة من علامات تميّز هذه المدينة العريقة من خلال دراسته الشهيرة والمعنونة ب «من سيدي محرز الى المقام الشاذلي او في كل خطوة ذكرى بين المدينة والربضين»التي نشرتها مجلة «معالم ومواقع» تباعا وعلى امتداد سنوات طويلة والتي سنعتمدها كمصدر أساسي للحديث عن الملامح القديمة لأشهر انهج المدينة العتيقة. وسنواصل من خلال هذا العدد الجديد من ركن «أنهج المدينة العتيقة: تاريخ وحضارة» الحديث عن هذه الملامح القديمة لأنهج مدينة تونس. ومواصلة للسير بطريق نهج سيدي زهمول نجد بعدد 42 دار آل القمرطي (الذين استقروا بهنشيرهم أو بما تبعه من الأملاك بمنطقة منوبة ومركز ولايتها وحسب ما ذكره أحد أصدقاء الباحث محمود زبيس فإن هذه الدار كانت ناديا (نادي معاوية التميمي) لتعليم القرآن والإبداعات وكان من بينهم العلاّمة الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور، أما بعدد 44 نجد المدرسة المغربية وهي أول مدرسة احدثت لإيواء الطلبة. ويتواصل السير لنمر أمام مسيد القبة المقابل لنهج قضاي الحوايج الى أن نصل الى باب سوق النساء حيث نجد على اليمين فندق الياسمينة للحرفيين في نسج الحرير بالرمادين وذلك بعد ان نكون قد مررنا بنهج المطيهرة (وحمامه المشهور بعدد 11 والمدرسة الحبيبية) ونجد في احد اركانه ايضا مكتب المحامي الراحل الشيخ والأستاذ والأديب محمد الحبيب الذي كان من أشهر رجال المسرح التونسي في القرن العشرين. ويلي مكتب المحامي فندقا ثم دكان البلغاجي للشيخ عبد العزيز بن الأمين قبالتهم الكتاب بعدد 17 فوق الصابات ومسجد الرمادين من القرن 10 هجري الذي تغيّرت ملامحه العمرانية بسبب ترميمه بطريقة لم تراع ضرورة المحافظة على خصائصه العمرانية الأساسية. وقبل الوصول الى حي سوق البلاط نجد من الجهة اليمنى نهج الكنز الملاصق للفندق الذي اقتلعت بأوله ومن أحد اركان مبنى دار الحدري سارية مثلما جرى للعمود العتيق الذي اقتلع من صباط باش حانبة. وفي سيرنا ايضا نجد وبزنقة ابن زكور دار ابن زاكور الفخمة ببابها الخلفي الذي يفتح على نهج الخمسة ويقابلها فندق الوردة وزنقته المحاذية لزنقة المشموم ويليه فندق الطويلة لنساجة الحرير ايضا (ومن المحتمل ان تكون هنا علاقة بين فندقي الياسمينة والورد المشموم في تسمية هذه الزنقة) ويوجد بفندق الطويلة دكان للراحل الحاج عثمان النايلي شيخ الحزابة بالمقام الشاذلي الذي خلفه بعد وفاته الشيخ عبد العزيز بن الأمين. ٭ إعداد: ناجية المالكي ٭ المصدر: مجلة معالم ومواقع عدد 16 مارس 2005