التطور الايجابي السريع الذي تشهده المواقف التركية لصالح القضية الفلسطينية، ولصالح التقارب مع العرب، واستعادة المكانة الحضارية والتاريخية الرفيعة التي طالما تصدرتها تركيا في العالم العربي، يمثل مددا حقيقيا وغير منتظر للموقف العربي. مدد ينبغي استثماره في تجسيد هذا التقارب على أسس عملية، تضمن ديمومته. وعندما يقول رئيس الوزراء التركي، رجب طيب اردوغان، إن «العرب بمثابة اليد اليمنى لتركيا»، فان ذلك يعكس صدق التوجه التركي، وحرارة الدعوة لصفحة اخرى في العلاقة بين العرب والاتراك. دعوة ينبغي التعامل معها، عربيا، بمثل ذلك الصدق والاقبال. فتركيا بدأت تأخذ، وخاصة منذ امتناعها عن المشاركة في جريمة الاطاحة بالعراق واحتلاله، مكانة الحليف الحقيقي للعالم العربي ولقضاياه. تحالف وتقارب، تأكّدا في مواقف تركيا المعادية لاسرائيل ولممارساتها ضد الشعب الفلسطيني وخاصة خلال الحرب على غزة، ومؤخرا في موقفها الدافع لاسطول الحرية ومما حصل لهذا الاسطول بعد ذلك. صحيح ان تركيا، مثل كل الدول، تتحرك وفقا لمصالحها، ولكنها تتحرك ايضا، في ظل قيادتها الحالية، انطلاقا من عقيدتها الاسلامية وما تدعو له من واجب نصرة المظلوم ... ناهيك وأن ذلك المظلوم هو شريكك في الدين وفي التاريخ، وفي المستقبل، لو توفرت الارادة الحقيقية الصادقة. ان العرب مدعوون للتعامل مع هذه اللحظة التاريخية الفارقة في العلاقة مع الشعب التركي. وما الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين تركيا والاردن وسوريا ولبنان، لالغاء تأشيرات العبور والحواجز الجمركية بين هذه البلدان، الا خطوة عملية فاعلة مما يجب أن يتخذه العرب من خطوات ومبادرات تجاه تركيا. فتركيا الشقيقة، وتركيا الصديقة والحليفة، اولى بالاعتبار في أي ترتيب للعلاقات العربية مستقبلا. تأثيرها الدولي ومكانتها، يشكلان مددا وعونا للمواقف والمصالح العربية. ثم ان العرب قد جربّوا «احتكار» القضية الفلسطينية، ولكن الاحداث، اكدت ان هذه القضية ليست عربية او فلسطينية فقط، بل هي اسلامية، بل انسانية بامتياز. ما يحدث بين العرب والاتراك، تطور تاريخي خارق، وعلى العرب الشدّ على اليد التركية الممدودة بالاخوة، وعدم السماح للاستعمار الذي فرّق بينهم في السابق، بالدسّ والوقيعة، ان يعاود المحاولة هذه المرة أيضا.