تونس تشارك في معرض ليبيا للإنشاء    غرفة القصابين: معدّل علّوش العيد مليون ونص    نيويورك: الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا وتعتقل عشرات المؤيدين لغزة    تونس: الإحتفاظ بعنصر تكفيري مفتّش عنه    علم تونس لن يرفع في الأولمبياد    جبل الجلود تلميذ يعتدي على أستاذته بواسطة كرسي.    مهرجان سيكا جاز: تغيير في برنامج يوم الافتتاح    الفيلم السّوداني المتوّج عالميا 'وداعًا جوليا' في القاعات التّونسية    سامي الطاهري يُجدد المطالبة بضرورة تجريم التطبيع    دعما لمجهودات تلاميذ البكالوريا.. وزارة التربية تدعو إلى تشكيل لجان بيداغوجية جهوية    الطبوبي في غرة ماي 2024 : عيد العمّال هذه السنة جاء مضرّجا بدماء آلاف الفلسطينين    عاجل: وفاة معتمد القصرين    انطلاق فعاليات الاحتفال بعيد الشغل وتدشين دار الاتحاد في حلتها الجديدة    بنزرت: وفاة امرأة في حادث اصطدام بين 3 سيارات    اليوم: طقس بحرارة ربيعية    تونس: 8 قتلى و472 مصاب في حوادث مختلفة    البطولة العربية السادسة لكرة اليد للاواسط : المغرب يتوج باللقب    الهيئة العامة للشغل: جرد شركات المناولة متواصل    اليوم: تونس تحيي عيد الشغل    جولة استكشافية لتلاميذ الاقسام النهائية للمدارس الابتدائية لجبال العترة بتلابت    نتائج صادمة.. امنعوا أطفالكم عن الهواتف قبل 13 عاماً    اليوم.. تونس تحتفل بعيد الشغل    اتفاق لتصدير 150 ألف طن من الاسمدة الى بنغلاديش سنة 2024    الليلة في أبطال أوروبا... هل يُسقط مبابي «الجدار الأصفر»؟    الكرة الطائرة : احتفالية بين المولودية وال»سي. آس. آس»    «سيكام» تستثمر 17,150 مليون دينار لحماية البيئة    أخبار المال والأعمال    وزارة الفلاحة تضبط قيمة الكيلوغرام من التن الأحمر    لبنان: 8 ضحايا في انفجار مطعم بالعاصمة بيروت وقرار عاجل من السلطات    موظفون طردتهم "غوغل": الفصل كان بسبب الاحتجاج على عقد مع حكومة الكيان الصهيوني غير قانوني    غدا الأربعاء انطلاقة مهرجان سيكا الجاز    قرعة كأس تونس للموسم الرياضي 2023-2024    اسقاط قائمتي التلمساني وتقية    تأخير النظر في قضية ما يعرف بملف رجل الأعمال فتحي دمّق ورفض الإفراج عنه    تعزيز أسطول النقل السياحي وإجراءات جديدة أبرز محاور جلسة عمل وزارية    غدا.. الدخول مجاني الى المتاحف والمواقع الاثرية    هذه تأثيرات السجائر الإلكترونية على صحة المراهقين    قفصة: تواصل فعاليات الاحتفال بشهر التراث بالسند    وزيرة النقل في زيارة لميناء حلق الوادي وتسدي هذه التعليمات..    تحذير من برمجية ''خبيثة'' في الحسابات البنكية ...مالقصة ؟    ناجي جلّول: "أنوي الترشّح للانتخابات الرئاسية.. وهذه أولى قراراتي في حال الفوز"    الاستثمارات المصرح بها : زيادة ب 14,9 بالمائة    عاجل/ "أسترازينيكا" تعترف..وفيات وأمراض خطيرة بعد لقاح كورونا..وتعويضات قد تصل للملايين..!    مختص في الأمراض الجلدية: تونس تقدّمت جدّا في علاج مرض ''أطفال القمر''    يوم 18 ماي: مدينة العلوم تنظّم سهرة فلكية حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشّمس    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    إحداث مخبر المترولوجيا لوزارة الدفاع الوطني    أمير لوصيف يُدير كلاسيكو الترجي والنادي الصفاقسي    إصطدام 3 سيارات على مستوى قنطرة المعاريف من معتمدية جندوبة    خبراء من منظمة الصحة العالمية يزورونا تونس...التفاصيل    ربع نهائي بطولة مدريد : من هي منافسة وزيرة السعادة ...متى و أين؟    التوقعات الجوية اليوم الثلاثاء..أمطار منتظرة..    فرنسا تعزز الإجراءات الأمنية أمام أماكن العبادة المسيحية    الخليدية .. أيام ثقافية بالمدارس الريفية    زيادة في أسعار هذه الادوية تصل إلى 2000 ملّيم..    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير في العلاقات العربية التركية ل «الشروق»: هذه أسرار التحوّل التركي نحو العرب والمسلمين
نشر في الشروق يوم 12 - 12 - 2009

«الشروق» تونس أنقرة (تركيا):
ما تزال التوجهات الجديدة للدولة التركية في علاقة بالوضع الإقليمي في الشرق الأوسط والصلة بدول الاتحاد الأوروبي محلّ متابعة على اكثر من صعيد تحليلا ومتابعة للمواقف والأحداث الّتي تتشابك من يوم إلى آخر، وما تزال ذاكرة العرب والمسلمين تستحضر الموقف التاريخي الّذي اتخذه رئيس الوزراء التركي أردوغان لفائدة الفلسطينيين والقضية الفلسطينية إبان الهجمة الاسرائيليّة الشرسة على قطاع غزّة.
كما أنّ الحضور التركي لدى المجتمع العربي أصبح متميّزا خلال السنوات الأخيرة كذلك بإشعاع وانتشار واسع للمسلسلات والدراما التركية الّتي أصبح لها امتداد وجمهور عريض فاق كلّ التوقعات والانتظارات.
في هذا الحوار يشرح الدكتور محمّد العادل الإعلامي والأكاديمي التونسي (حاصل على الجنسية التركية) والخبير في العلاقات العربية التركية ورئيس الجمعية التركية العربية للعلوم والثقافة والفنون والّتي مقرّها أنقرة امتدادات هذا الوضع الجديد والمثير للتواجد السياسي والإعلامي والثقافي التركي لدى المجتمعات العربية على وجه الخصوص وآفاق التحولات الممكنة في المنزلة التركية إقليميّا ودوليّا والتجاذبات الّتي تحكم مختلف المواقف التركية وموقع المؤسّسة العسكرية منها والعلاقة مع إسرائيل والاتحاد الأوروبي.
ما سرّ هذا التحوّل في تركيا نحو العالم العربي والإسلامي لاسيّما المواقف التركية الأخيرة المساندة للقضايا العربية والإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية؟
منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في أنقرة عام 2002، والدولة التركية تتجه للمصالحة مع محيطها العربي والإسلامي الذي أدارت له ظهرها لسنوات طويلة وكانت الحكومات التركية المتعاقبة قد اتجهت منذ ميلاد الجمهورية عام 1923 اتجاها أحاديا نحو الغرب ، ولكن من الواضح أن تركيا اليوم تعيش تحوّلات مهمّة فرضت عليها جملة من المراجعات في سياساتها الداخلية و الخارجية على مستويات عدّة ، ويبدو لي واضحا كمتابع للشأن التركي من الداخل أن أنقرة في عهد حكومة حزب العدالة و التنمية قد قامت بتعديلات بارزة في نهج السياسة الخارجية لتركيا التي تسعى اليوم لتحقيق التوازن فهي في الوقت الذي تحافظ فيه على علاقاتها المتينة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل تتوجّه أيضا لترميم علاقاتها مع أطراف دولية أخرى مثل روسيا والصين والهند ، ولكن تعطي أنقرة أولوية قصوى ليس فقط لتحقيق مصالحة تاريخية مع محيطها العربي والإسلامي والأفريقي، بل لإقامة شراكة إستراتيجية مع هذه البلدان .
لذلك فإن الموقف التركي الأخير الرافض للعدوان الإسرائيلي على غزّة يتوافق وهذا التوجّه التركي الجديد ذو البعد الاستراتيجي نحو محيطها العربي والإسلامي حيث لا تخفي أنقرة سعيها للقيام بدور إقليمي فاعل خاصة في منطقة الشرق الأوسط .
كما أن تركيا (حكومة و شعبا) كانت دوما مناصرة للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني لكن من الواضح هذه المرّة أن تركيا تتحرّك بروح المسؤولية التاريخية تجاه ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني من عدوان و إبادة .
هل أن هذه التوجّهات والمواقف مرتبطة برؤية أردوغان وحزبه مثلما يلمّح البعض أم أنها تعبر عن وجهة نظر أوسع داخل تركيا؟
التوجّه التركي الجديد نحو البلدان العربية والإسلامية والأفريقية لا يعكس رؤية حكومة حزب العدالة والتنمية بمفردها وإنّما يعكس رؤية الدولة التركية بمختلف مؤسساتها، فحكومة أردوغان لاسيما في ما يتعلّق بالسياسة الخارجية تعرض دوما تصوّراتها على مجلس الأمن القومي التركي الذي يجمع مختلف المؤسسات الدستورية في الدولة التركية، لذلك فإنّ سعي حكومة أردوغان لإقامة علاقات إستراتيجية مع البلدان العربية والإسلامية وكذلك المواقف التركية الأخيرة الرافضة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة تعكس بشكل جليّ موقف الدولة التركية حكومة وشعبا ومؤسسات، لذلك فحزب العدالة والتنمية التركي الذي وصل إلى السلطة نتيجة انتخابات ديمقراطية لا يمكنه أن يتخّذ موقفا مخالفا للشعب التركي الذي انتخبه ، وبالتالي فحكومة أردوغان برغم إدراكها أن موقفها المناصر للفلسطينيين سيغضب الإدارة الأمريكية واللوبي الصهيوني في أنحاء العالم فإنها تتحصّن بالشعب التركي ما دامت تعكس خياراته ، وكذلك تتحصّن بالمؤسسات الدستورية للدولة.
كثيرا ما يردّد البعض معارضة أوساط تركية للتوجه التركي الجديد نحو البلدان العربية والإسلامية، فما صحة ذلك؟ وهل هذا التوجه الجديد لأنقرة ردّة فعل على الرفض الأوروبي لعضوية تركيا؟
لا شكّ أن هذا التوجّه الجديد لتركيا للمصالحة مع محيطها العربي والإسلامي يزعج بعض الأطراف الداخلية والخارجية، وحاول البعض أن يصوّره على أنّه محاولة من أنقرة للبحث عن بدائل للاتحاد الأوروبي بعد مماطلة العواصم الأوروبية بشأن عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، وقد يكون هذا الرفض الأوروبّي المقنّع واحدا من الأسباب التي دفعت أنقرة لمراجعة العديد من خياراتها لكنّه بكلّ تأكيد ليس السبب الوحيد وتقديري الشخصي أن قناعة الدولة التركية بأنّ أمنها القومي ومصالحها الإستراتيجية مرتبطة أكثر بمحيطها العربي والإسلامي هي التي تدفعها اليوم لإقامة شراكة إستراتيجية مع البلدان العربية والإسلامية والأفريقية أيضا.
في ظلّ هذه التحولات التي تشهدها تركيا من الداخل والموقف الأوروبي المتردد، كيف ترون مستقبل مشروع تركيا للانضمام للإتحاد الأوروبي؟
من الواضح أن مساعي تركيا للانضمام للإتحاد الأوروبي قد وصلت إلى طريق مسدود فالرفض الأوروبي أصبح علنيا، وخاصة الموقف الفرنسي، بالإضافة إلى الرفض الشعبي المتزايد في أوروبا لانضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي، والمفارقة العجيبة أن معظم العواصم الأوروبية التي ترفض أو تماطل في قبول تركيا عضوا كاملا في الإتحاد الأوروبي تسعى في الوقت نفسه إلى إبقاء تركيا معلّقة بآمالها تجاه أوروبا. وهو ما يؤكّد بأنه ليس هناك حتّى اليوم موقفا أوروبيا موحدا تجاه تركيا، لكن من الجانب التركي أصبحت مسألة العضوية في الإتحاد الأوروبي من أكثر الملفات جدلا في الساحة التركية، وبدأ التيّار الشعبي المعارض للعضوية يتعاظم في تركيا وحجّته في ذلك أن عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي ستفقد تركيا استقلالها وستجعلها مجرد تابع لخيارات الإتحاد الأوروبي التي قد تتعارض مع مصالح تركيا، بالإضافة إلى أن هذا التيار التركي المعارض لانضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي يرى بأن تركيا لم تعد بحاجة للأوروبيين خاصة من الناحية الاقتصادية ، وهذا التيار يدرك بأن الرفض الأوروبي لعضوية تركيا مبعثه الخوف من الهوية الإسلامية لتركيا وموروثها الحضاري.
هل تركيا مؤهّلة للقيام بدور إقليمي فاعل وما هي رهاناتها وإمكانياتها لتتولى مثل هذا الدور؟
عاشت الدولة التركية الحديثة منذ تأسيسها عام 1923 حتى مطلع الثمانينات حالة من الانغلاق خاصة تجاه محيطها العربي والإسلامي، لذلك لم تتوجه الحكومات التركية المتعاقبة خلال تلك الفترة للتعريف بتركيا وتراثها وثقافتها وفنونها بل حتى مواقفها السياسية كانت غير واضحة للبلاد العربية، فالجمهورية التركية التي ورثت الدولة العثمانية كان يفترض منذ تأسيسها أن تكون صاحبة دور إقليمي ودولي كبير وفاعل يليق بحجم ما ورثته من تاريخ الدولة العثمانية التي حكمت جزءا كبيرا من العالم وصاغت حضارة عظيمة. لذلك ظهرت أصوات منذ الخمسينيات تدعو إلى دور أكبر لتركيا يليق بإرثها التاريخي وموقعها الجغرافي وحجم إمكاناتها الهائلة الاقتصادية والعسكرية وغيرها ، لكن هذه الدعوات تبلورت كمشروع سياسي واضح المعالم في عهد حكم الزعيم التركي الراحل تورغوت أوزال الذي اخرج تركيا من عزلتها ودفعها بقوة إلى الانصهار الحقيقي في المجتمع الدولي ليختلط جيل الجمهورية من الأتراك مع ثقافات وشعوب اخرى وقد أتاحت مرحلة الزعيم تورغوت أوزال لتركيا الفرصة لإدراك حقيقة قدراتها وإمكاناتها للقيام بدور سياسي واقتصادي إقليمي ودولي، وهو النهج الذي تواصله اليوم حكومة العدالة والتنمية في أنقرة برؤية أوسع مستفيدة من تجربة أوزال .
هناك أطراف في المنطقة قلقة من أي دور إقليمي لتركيا ، فهل هذا الدور التركي يمكن أن يهدّد مصالح بعض الأطراف الإقليمية؟
هذا التخوّف لا مبرّر له، لأنّ الأتراك حينما يتوجّهون اليوم إلى البلدان العربية و الأفريقية هم يسعون للتصالح مع محيطهم العربي والإسلامي ويبحثون عن شراكة حقيقية معهم وليس لهم أجندة خفية، لذلك أرى أن الأطراف التي تقف وراء محاولات التشكيك في المبادرات التركية سياسية أو اقتصادية أو مدنية أو غيرها نحو العرب والأفارقة والعالم الإسلامي عموما هي أطراف تهدف لقطع الطريق أمام أية مصالحة حقيقة بين العرب والأتراك وتعمل على عرقلة التعاون التركي العربي بهدف الإبقاء على الجدار الوهمي بين الطرفين الذي أقامه الاستعمار و عضدته النعرات القومية لدى الطرفين، لذلك فمن المهم جدّا أن تقف النخب العربية والتركية متعاونة أمام هذه المحاولات سيئة النية، بل وتعمل عبر المجتمع المدني وكلّ الوسائل المتاحة لتعزيز الثقة بين الشعبين العربي والتركي وتدفع مجالات التعاون في كل المجالات بما يخدم مصالح الطرفين.
هل بإمكان الشأن الثقافيّ أن يردم الهوّة بين تركيا والعالم العربي والإسلامي خاصة وان البعض يتحفظ على علاقاتها مع إسرائيل وموقفها من قضية المياه مع دول الجوار العربية سوريا والعراق؟
التقارب بين العرب والأتراك مدخل للتفاهم وحلّ جميع القضايا العالقة مهما كانت شائكة، فما كان ينقص العرب والأتراك هو الحوار، وبرغم أن العلاقات التركية العربية تشهد اليوم تقدّما نوعيا فإنّ هذا التطوّر بقي في خانة السياسي والاقتصادي فقط، ولم يتجه بعد نحو مجالات العلوم والثقافة والإعلام والمجتمع المدني، ولاشكّ أن الاهتمام بهذه المجالات سيحقّق التقارب الفعلي بين الشعوب العربية والتركية وهي مسؤولية النخب والهيئات المدنية العربية والتركية، أمّا بشأن علاقات تركيا مع إسرائيل فأعتقد أن الغياب العربي سياسيا وثقافيا عن الساحة التركية ساعد إسرائيل على التفرّد بالساحة التركية حيث صنعت لها أصدقاء في الإعلام والمجتمع المدني والأحزاب ، لذلك فإنّ خطوات التقارب الجارية بين العرب والأتراك ستحقّق شيئا من التوازن .
لو تعرّفنا بالجمعية التركيّة العربيّة للعلوم والثّقافة والفنون التي تتولّون رئاستها، وكيف تقيّمون مستوى التعاون الثقافيّ بين تركيا والعالم العربي؟
الجمعية التركية العربية للعلوم والثقافة والفنون (تاسكا) هي مبادرة مدنية من داخل الساحة التركية لتكون جسرا ثقافيا بين العالمين التركي والعربي ومحاولة لإزالة الجدران الوهمية والحواجز النفسية بين العرب والأتراك العالقة منذ فترة الاستعمار أو الصراعات القومية في الجانبين، لذلك فالجمعية التركية العربية تعمل من أجل المساهمة في وضع رؤية جديدة للعلاقات التركية العربية تهيّئ الأرضية لشراكة إستراتيجية بين الطرفين بعيدا عن أية قوالب أيديولوجية.
ما هي الخطوات العملية الفعلية التي تقومون بها لعمل تواصل ثقافي عربي بين العرب وتركيا؟
الجمعية التركية العربية للعلوم والثقافة والفنون باعتبارها جسر ثقافي بين العرب والأتراك قد وضعت منذ تأسيسها رؤية واضحة لعملها تهدف لتعريف الطرف التركي بالثقافة العربية بمفهومها الشامل وكذلك تعريف الطرف العربي بالثقافة التركية، والجمعية التركية العربية تدرك جسامة هذه المسؤولية وتتعامل بوعي كامل مع هذا العمل لقناعتها بأنه مشروع حضاري يهدف إلى لمّ شمل العرب والأتراك على أرضية واحدة بعد قطيعة فرضت على الطرفين ليست على المستوين السياسي والاقتصادي فقط بل شملت كذلك الثقافة والفنون والعلوم وكل قطاعات المجتمع المدني والإعلام.
أعلنت الجمعية التركية العربية عن مشروع لنشر اللغة العربية في تركيا، هل تعطينا المزيد من التفاصيل عن هذا المشروع وهل هناك إقبال حقيقي على اللغة العربية في تركيا؟
نعم أعلنت الجمعية التركية العربية للعلوم والثقافة والفنون عن مشروع طموح يهدف للتّمكين للّغة والثقافة العربية في تركيا حيث أن هذا المشروع الحضاري وذو الأبعاد الإستراتيجية يسعى إلى تسجيل حضور إيجابي وفاعل للغة والثقافة العربية في الساحة التركية نظرا للإقبال الكبير من قبل مختلف الأوساط الرسمية والشعبية في تركيا على تعلّم اللغة العربية، ويأتي مشروع التمكين للغة العربية لدعم توجّه المؤسسات الرسمية والشعبية في تركيا وانفتاحها على اللّغة والثقافة العربية ودعم مؤسسات تعليم اللّغة العربية في تركيا من خلال توفير المناهج والأساليب المتطورة للتدريس اللغة لغير الناطقين بها ، وإقامة الدورات الخاصة للمدرّسين الأتراك لاسيما العاملين في أقسام اللغة العربية في الجامعات التركية و معاهد الأئمة والخطباء والمدارس الثانوية.
من خلال مساعيكم لعمل تواصل علمي وثقافي تركي عربي قمتم بترجمة الكتب للغة العربية والعديد من الأنشطة الأخرى، وتتوجه تركيا لإطلاق قناة فضائية باللغة العربية، ولكن ألا ترى أن كل هذه الفعاليات تصنع تواصلا بين فئة المثقفين العرب والأتراك، إذن ماذا بشأن المواطن العادي؟
لاشكّ أن عمل الجمعية التركية العربية يبقى نخبويا وموجّها بالدرجة الأولى لرجال الفكر والثقافة والإعلام في الطرفين العربي والتركي، وذلك بسبب عمق القطيعة التي فرضت على الجانبين وهو ما يستوجب في هذه المرحلة مخاطبة الخاصة وليس العامّة، لأن الهدف هو التأسيس لأرضية متينة للتواصل والتعاون التركي العربي، أمّا بشأن الفضائية التركية الناطقة بالعربية فهي مشروع طموح تسانده الجمعية التركية العربية بشدّة، والجمعية كانت أول هيئة دعت إلى تأسيس قناة من هذا النوع لتعزّز التواصل بين العرب و الأتراك، ونحن واثقون من نجاح هذا المشروع الكبير والحضاري لأنّه وضع تحت إدارة خبرات تركية شابّة ومحترفة ولها اطّلاع كاف بالساحة العربية.
في الفترة الأخيرة انتشرت الدراما التركية في العالم العربي بشكل كبير وحازت على نسبة مشاهدة عالية جدا، بماذا تفسر ذلك ؟ وهل هو نوع من التواصل الثقافي أيضا بين العرب وتركيا؟، وبماذا تصنف هذا النوع من التواصل عن طريق الدراما؟
من المهم التوضيح أن المحتوى العام الذي تعرضه معظم المسلسلات التركية في الفضائيات العربية هو مثار جدل في الساحة التركية لأن ما يعرض في الغالب يعكس حالات فردية لا ترتبط بالتركيبة الثقافية أو السلوك الاجتماعي العام للمجتمع التركي، ولاشكّ أن العوامل التجارية وأولويات الربح المادي قد تكون وراء البحث عن هذه النوعية من المسلسلات، برغم أن تركيا تزخر بمسلسلات و أفلام أخرى يشيد أهل الاختصاص برقيّ مضمونها وبنائها الفنّي، لكنّ اهتمام المشاهد العربي بما يعرض من مسلسلات تركية يعكس شغف الإنسان العربي للتعرّف عن تركيا، وفي تقديري يمكن للمنتجين الأتراك استثمار هذا الإقبال العربي على المسلسلات التركية لإنتاج أعمال درامية تكون أقرب إلى واقع عموم الأتراك وتعكس العمق الثقافي والاجتماعي للإنسان التركي، كما نوجّه الدعوة إلى المنتجين العرب إلى توجيه إنتاجاتهم وتسويقها إلى الفضائيات التركية، حيث أن هناك إقبال تركي على الدراما العربية أيضا.
سميتم الجمعية «الجمعية التركية العربية للعلوم والثقافة والفنون» هل تتعمدون بذلك البعد عن الناحية السياسية في الجمعية؟
نعم ، نحن في الجمعية التركية العربية نتجنّب التعاطي مع الناحية السياسية بشكل مباشر أو أن نكون طرفا فيها ، فجمعيتنا ليس لها أي قالب أيديولوجي ولا نسوّق لأية أيديولوجية عربية أو تركية أو غيرها ولضمان ذلك فإن مجموعة المؤسّسين للجمعية ومعظم أعضائها من مدارس فكرية مختلفة: قوميون، يساريون، لبراليون، إسلاميون، فنّانون وشعراء وشخصيات أخرى ليس لها أي انتماء إيديولوجي، فالقناعات الإيديولوجية والسياسية تبقى في نظرنا مسألة شخصية لأعضائنا ولا تلزم الجمعية بأي شكل من الأشكال.د


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.