تدرك اليوم المجموعة الرابعة منافسات الجولة الأخيرة والغموض يكتنف مصيرها لأن الفرق الأربعة معنية بالتأهل وفق منطق الحسابات ما يعد بتشويق وإثارة منقطعي النظير وكذلك غياب المؤامرة التي تحاك في الكواليس لأن خسارة أي منتخب أو تعادله أو حتى فوزه لن يضمن له المرور دون معرفة بقية النتائج. المباراة الأولى ستحمل صداما محتدما بين منتخب غاني فرض الاحترام وبين ماكينات ألمانية خفت هديرها مؤخرا في لقاء يعد بالكثير بالنظر إلى تعقيدات الحسابات التي قد تحكم على أحد المنتخبين بالمغادرة وهما لا يستحقانها للأمانة على الأقل حفاظا على متعة المشاهدة. القارّة السمراء دخلت السباق بقوة دفع سداسية للمرة الأولى في تاريخها ليخيب ظنها في الآخر وتجد نفسها تعلق كل آمالها على منتخب شاب قليل الخبرة قلب الطاولة على الجميع وأعلنها صراحة أنه قادر على مقارعة الكبار ليكرر إنجاز 2006 عندما بلغ ثمن النهائي. أبناء المدرب الصربي الداهية ميلوفان رافيتيتش المعروف بلقب «ميكي» سيعوّلون على حيويتهم ونشاطهم واجتهادهم خاصة في منطقة وسط الميدان بوجود القوة الضاربة المتمثلة في أنتوني أنان وبرانس بواتينغ (الذي فضل غانا على ألمانيا مؤخرا وسيكون في تحد شخصي) إلى جانب النشيط أندري أيو وسيتمثل دورهم في تعطيل الماكينات الألمانية وشل هجماتهم في مهدها وستبقى المهمة الهجومية ملقاة على عاتق الخطير جيان أسامواه.. المنتخب الغاني سيلعب من أجل فرضيتي الفوز أو التعادل ليجد نفسه في الدور المقبل وهو ما سيخفض عليه الضغط في حين أن الخسارة ستبقيه تحت رحمة نتيجة المباراة الأخرى. المانشافت هنا منافس غانا منتخب ألماني سادت التوقعات أنه سيعبر من هذه المجموعة بسهولة كمن يشرب الماء بعد رباعية في مرمى أستراليا لكن الهزيمة المفاجئة أمام الصرب أربكت حسابات مدرب المانشافت «يواكيم لو» وأدخلت الرعب في نفوس الألمان الذين تحججوا بفقدان هذا المنتخب للروح الألمانية التي تجعل من الأشهر الطويل متفوقا مع الجميع والسبب أن ألمانيا التي كانت في ما مضى رمزا للعنصرية تضم في صفوفها اليوم 11 جنسية مختلفة. إقصاء كلوزه زاد من حساسيسة الموقف وصعوبته. مطالبة بالفوز أولا للتأهل دون انتظار الهدايا في حين أن الخسارة ستقصيها مبكرا أما التعادل فسيجعلها تدخل لخبطة الحسابات وحافزها الوحيد (+3) في حساب الأهداف المقبولة والمدفوعة بعد الرباعية في مرمى أستراليا هنا سيستنجد المدير الفني للألمان بذخيرته الاحتياطية التي تضم الجناح ماركو مارين (صربي المولد) إلى جانب رأسي الحربة ماريو غوميز وستيفان كيسلينغ في محاولة لإنعاش الخط الأمامي... الجميع ينتظر هدير المحركات من جديد لكن لا نتمنى ذلك على حساب غانا... مصير صربيا بيدها وأستراليا الحلقة الأضعف المباراة الثانية في هذه المجموعة ستدور في نفس التوقيت وستجمع صربيا بأستراليا في لقاء يبقى مفتوحا على كل الاحتمالات ولا يقبل في الآن نفسه القسمة على اثنين لأن الفائز سيدعم حظوظه في مواصلة السباق. المنتخب الصربي الأكثر امتلاكا للمواهب في تشكيلته سيجد نفسه في موقف محرج لأن الفوز وحده يؤهله للدور القادم في حين أن الخسارة ستعني الوداع وقد تسبب للكرة الصربية في خسارة جيل كامل من الصعب أن يتكرّر في حين أن التعادل سيقلل من آمالها لأنها ستبحث وقتها عن خسارة ألمانيا أو تعادلها أو خسارة غانا... هذه المعطيات ستدفع بالمدرب رانومير أنتيتش إلى لعب الهجوم معوّلا على فنيات زيغيتش وكرازيتش والعائد من الإقصاء يوفانوفيتش في حوار عمالقة مع المنتخب الأسترالي. «الكنغر» الأسترالي يبدو الأقل حظا بين منافسيه لأن تعقيدات حساباته قد تكبل أرجل لاعبيه التي لم تستجب بطبيعتها إلى الآن لتعليمات المدرب بيم فيربيك الذي جهز منتخبا قويا بدنيا ومنضبطا تكتيكيا لكنه يفتقد للفنيات التي تصنع الفارق في مثل هذه المباريات فالمواهب تعد على أصابع اليد الواحدة في حين أن نجميْ هذا المنتخب تيم كاهيل وهاري كيويل يغطان في سبات عميق فكانا بمثابة فوانيس صغيرة في حضرة بقية النجوم. الأمر يحتاج من الأسترالي إلى شبه معجزة وعندما تتأهل أستراليا ستتأكد نهائيا أن الكرة لا يطالها المنطق فهذا المنتخب يحتاج للفوز أولا وانتظار هزيمة غانا بفارق أربعة أهداف أو أكثر أو خسارة ألمانيا بفارق أكثر من خمسة أهداف في حين تعادل المناشافت يفرض عليه الفوز بنفس الفارق على صربيا وهذه حسابات تبدو بعيدة المنال منطقيا ونكاد نجزم بمغادرة أستراليا السباق.