القاهرة خاص (الشروق) من حبيبة عبد السلام في الوقت الذي يكثف فيه الفلسطينيون وكل الغيورين من العرب وأصحاب الضمائر جهودهم لحماية المقدسات الاسلامية ومنع المؤامرات الصهيونية للاعتداء على المسجد الأقصى، تحاول في المقابل «مافيا» التعويضات الاسرائيلية تصعيد حملات الابتزاز للدول العربية للمطالبة بالأملاك المزعومة لليهود الذين كانوا يقيمون داخلها. ملف التعويضات جاهز لدى حكومة شارون وتمّ اعداده بالتنسيق مع المنظمات العالمية لليهود ذوي الأصول العربية والتي تعرف اختصارا باسم «ووجاك». حكومة شارون أصدرت في الثامن والعشرين من شهر ديسمبر الماضي قرارا بتشكيل لجنة وزارية لاستعادة ممتلكات اليهود المزعومة في البلدان العربية، والتي تصل حسب ادعاءاتهم الى 200 مليار دولار، نصيب مصر منها 60 مليارا، العراق 30 مليارا وليبيا 13 مليارا.. والبقية قيد الحصر والتوزيع! العراق... أولا الفرصة كانت سانحة، ولن يتوفر أفضل منها: أجواءالعراق «الأمريكية» للمطالبة بداية بتعويضات لصالح اليهود من أصل عراقي وبالفعل بدأت خطوات «الهرولة» في هذا الاتجاه. وقد نشرت صحيفة «يديعوت احرونوت» على موقعها الاليكتروني الأسبوع الماضي قول باسكال ايشروردة وزيرة المغتربين والمهاجرين أن الحكومة المؤقتة في العراق تدرس منح اليهود من أصل عراقي جوازات سفر عراقية، وسوف تسمح لهم بالاحتفاظ بالجنسية الاسرائيلية، وأضافت وردة أن هناك وعدا من العراق بمنح تعويضات لليهود عن أملاكهم التي فقدوها بالعراق، واصفة هذا الموضوع بأنه مجال بحث «ساخن جدا».. ووفقا لمزاعمهم فإن اليهود يطالبون بتعويضات قدرها 30مليار دولار مقابل أملاك يدّعون أنها صودرت منهم خلال الفترة من 1948 وحتى 2003. وإذا كانت «ووجاك» لا تتوقع عراقيل في طريقها نحو «حلب البقرة» في العراق المحتل، فإن الطريق ليس مفروشا بالورود في ما يخص المطالبات من مصر. وقد نشر الموقع الاليكتروني لوزارة الخارجية الاسرائيلية قائمة بالممتلكات اليهودية تفصيلا مما يعني أن الملف جاهز ومنذ فترة، خاصة وأن بالونات الاختبار تظهر من حين لآخر في قالب رفع دعاوى فردية أمام المحاكم المصرية طلبا للتعويض. مصر... الخطة اللاحقة ويعدّد الموقع الأدوار الهامة التي لعبها يهود مصر في الحياة الاقتصادية طيلة قرن ونصف، وحتى منتصف القرن الماضي.. وإذا كان هناك من نهضة قد تحققت فيعود الفضل فيها لليهود الذين كانوا «عماد» الصناعة والتجارة على حد زعم الموقع : فقد ساهموا في تطوير الزراعة وتجارة القطن والأرز، وكانوا «الدينامو» المحرك لبورصتي القاهرة والاسكندرية. وتعدّد الوزارة الشركات التي كان يملكها اليهود ب300 شركة ومصنع في مختلف الأنشطة والتي يصف الموقع مصادرتها بالظلم والتعسف، منها مصنع «ايكا» للشيكولاطة، وبنك الاسكان، والبنك التجاري، بل انهم يقدمون معلومة جديدة جدا على ا لتاريخ المصري! وهي أنهم الذين أسسوا بنك مصر (أما طلعت حرب فلم يذكروه أبدا..). وبقدر ما يبعث الأمر على السخرية بقدر ما ينبئ بخطورة المخططات الصهيونية التي لا ولن تكتف بأي شيء مهما كان قدرأو قيمته لأن الشعار دائما: هل من مزيد؟ وهذا يظهر في الموقع بوضوح حيث أن الوزارة المذكورة تسهب، بعد رصد الأماكن والعقارات التي تزعم ملكية اليهود لها، في المبالغة في دور اليهود في اثراء الحركة الثقافية والأدبية والسياسية والاجتماعية، وكأنها تريد من ذلك أن تقول: وكم يساوي هذا الجزء الحضاري والثقافي والتاريخي من تعويضات! العصا الغليظة ليس هذا فقط.. فهناك جانب آخر في ملف التعويضات «سيء السمعة». وقد سألت «الشروق» د. عبد الوهاب المسيري صاحب الموسوعة الشهيرة عن الحركة الصهيونية عن خرافة المليون، فأجاب أن الاحصاء العام لسكان مصرعام 1947 أشار الى أن عدد اليهود بلغ 64 ألفا و484 نسمة من إجمالي 15 مليون مصري ومقيم على أرضها أي بنسبة نصف في المائة فقط، كما كشف الاحصاء أن 7 فقط منهم يحملون الجنسية المصرية في حين 93 يحملون جنسيات أوروبية مختلفة، وأن كثيرين فضلوا عقب حرب 1948 الهجرة الى اسرائيل وفقا للوثائق الخاصة بمصلحة الهجرة والسفر. الجامعة العربية... عدو رئيسي أيضا تتصدّى المنظمة بشكل رئيسي للجامعة العربية وتتهمها بأنها كانت السبب وراءتنفيذ خطة زعموا أنها كانت متكاملة ومتفق عليها بين الدول العربية لطرد اليهود، وأن الأمر لم يكن قرارا فرديا من حاكم عربي دون آخر! وتؤكد على أنه منذ اعلان تأسيس الجامعة واليهود يذوقون المر من العرب. أما أدلة المنظمة في ذلك فتورد ما ذكره هيكل باشا المندوب المصري في الأممالمتحدة يوم 24 نوفمبر عام 1947 في تعليقه على قرار تقسيم فلسطين «بأنه من شأنه أن يخلق مشاعر معادية أكثر مما كان عليه الأمر في ألمانيا وأنه إذا قررت الأممالمتحدة تقسيم فلسطين فإنها لا بدّ أن تتحمل مسؤولية الأحداث الخطيرة التي ستقع ضد عدد كبير من اليهود في الدول العربية».. «ووجاك» تلتقط هذه التعليقات لتستنتج أنها تهديد صريح من مصر لليهود! وكدليل آخر تورده لتوضيح أن الخطة عربية ومقصودة ما ذكره فضل الجمالي وزير خارجية العراق بعد نحو شهر مما ذكره هيكل باشا، وبنفس المعنى بالضبط. وتوالي المنظمة الشهادات الموثقة المزعومة وتستعين بعدد من المحامين وخبراء القانون الدولي من اليهود الأمريكيين الذين يدلون بدلوهم عن الاضطهاد والتعذيب المزعوم لليهود في الدول العربية، وقد استعانوا بعدد من الأسماء التي من المؤكد أنها لا تعني شيئا في التاريخ من أمثال: أناس يوسف أستربوارو ملكا جورفيتش بلبل زامير بارونج.. وبالتأكيد أن هذه المواقع، وهذه القوائم، والأسماء والشهادات تعني أمرا رئيسيا مهما واحدا وهو مدى التنظيم الذي تقاد به مثل هذه الحملات ضد العرب، وأن هذه الحملات أيضا قد وصلت الى نقطة ساخنة في غياب الفعل العربي المنظم.. والخطوة القادمة الأكيدة أن تنفذ هذه المطالبات في الوقت المناسب والذي يختاروه بعناية، كما دائما، لانتزاع العرب من جذورهم كما يتم في فلسطين والعراق.. فإ لى متى؟