وافانا طلبة من معهد المسرح بالنص التالي: أكثر من نصف عمر المسرح التونسي إذا سلمنا بأنه يبلغ من العمر 100 سنة، تكوين مسرحي أكاديمي جدي، من حسن الزمرلي وعبد العزيز العڤربي بمدرسة التمثيل العربي سنة 1951 الى إحداث المعهد العالي للفن المسرحي سنة 1982 مرورا بمركز الفن المسرحي وتأسيس المعهد العالي للمسرح والموسيقى بالكاف مؤخرا. مسيرة 60 سنة من التكوين ضرب بها السيد توفيق الجبالي عرض الحائط، 60 سنة والمعهد يقدم للساحة المسرحية دفعات ودفعات أثبتوا تمسكهم بمهامهم رغم كل الصعوبات والعراقيل بل أكثر من ذلك تطلعوا الى تنظيمها وتقنينها وتجاوز كل هامشية ومحسوبية تحكمها، ضرب بها السيد توفيق الجبالي عرض الحائط. طاقم كامل من الاساتذة المختصين والمتمدرسين على أيدي معلمين عالميين مسرحيين كبار ومناقشين لاطروحات دكتوراه في أكبر جامعات العالم وأعرقها وأمام لجان أكاديمية معروفة، ضرب بها توفيق الجبالي عرض الحائط. والغريب في الامر أن السيد توفيق الجبالي شكك في تكوين المعهد العالي للفن المسرحي في حين أن منشطي ومكوّني ما يسمى ستوديو المسرح بفضاء التياترو والممثلين في إنتاجاته السابقة هم أساسا مجموعة من خرّيجي المعهد العالي للفن المسرحي نذكر من بينهم لسعد بن يونس زينب الفرشيشي توفيق العايب معز القديري غازي الزغباني صباح بوزويتة عبد المنعم شويات خولة الهادف شاكرة الرماح نوفل عزارة خالد بوزيد شادلي العرفاوي نعمان حمدة وجيهة الجندوبي عبد الكريم ضيف الله رمزي عزيز وعاطف بن حسين ووليد مطيمط ومحمد الهادي بالخير وبسمة العشي... هذه بعض الاسماء التي وإن شككت في كفاءتها فإنك سيدي الكريم قد شككت في نفسك هذا دون أن ننسى طلبة وخريجي المعهد الذين تواجدوا وبإقناع كبير في جل التجارب الفنية الهامة بالبلاد مع الفاضل الجعايبي وعز الدين قنون ونور الدين الورغي والفاضل الجزيري وغيرهم... وهذا فصام معلن في الموقف، فهل اتخذ السيد توفيق الجبالي موقفا واضحا وصريحا وغير متذبذب... أم أن أي شكل وفرصة تمكّن من ربح مادي جيد كتشغيل مجموعة من الهواة دون الاضطرار طبعا لتسديد أجر واضح كما هو متعارف عليه في الاحتراف، هي البوصلة الوحيدة التي تحرك العقلية الابداعية لمسرح سي الجبالي «المناضل». تطاول فكيف يسمح توفيق الجبالي لنفسه بالتطاول على مؤسسة تكوينية عريقة وعلى طلبتها وخرّيجيها وطرق ومدارس التكوين فيها وهو فاقد لآليات التكوين المسرحي. ما هو تكوينك سيدي حتى تتحدث عن المسرح؟ لم يكتف السيد توفيق الجبالي بذلك فتجرأ حتى على التطاول ومخالفة المشرّع والقانون والرائد الرسمي وكراس الشروط التي جاء في فصلها الثالث من الباب الاول. «يتعين على أصحاب الهياكل المحترفة لانتاج الفنون الدرامية وترويجها لنشاطها الالتزام بما يلي: تشغيل فنانين وفنيين محترفين حاملين لبطاقة احتراف مهن الفنون الدرامية وذلك في حدود الثلثين من مجموع الدراميين المشاركين في كل عمل يقوم الهيكل بإنجازه وأن يتم تشغيل الفنانين والفنيين بمقتضى عقد، فضرب بها توفيق الجبالي عرض الحائط. والحائط! مازال يقاوم. إذ أنتج هيكل «التياترو» وهو هيكل إنتاج محترف يخضع الى كراس الشروط عدة أعمال مسرحية منها «منفستو السرور» و«عشقباد 1» و«عشقباد 2» و«الخبز اليومي» و«انسحاب» و«الناس لخرى» وغيرها من المسرحيات التي يشارك فيها الهواة بنسبة 100٪ وهو الخرق الواضح والصريح للقانون باعتباره لم يشغل ثلثين من المحترفين في إنتاجاته. يصر السيد توفيق الجبالي على إقصاء طاقات شابة مختصة في الفنون الدرامية وحاملة لبطاقات احتراف متناسيا أن دعم وزارة الثقافة له على مستوى إنتاج وتوزيع أعماله وتسيير الفضاء جاء كمسعى من الدولة لخلق مواطن شغل لحاملي الشهائد وتشجيع الجيل الصاعد من الشباب المتخصص في الفن المسرحي على ممارسة نشاطه. بيان ال 11 نحن اليوم في مجتمع متطور تجاوز مرحلة الشعوذة والرعوانية يعتمد على الاختصاص في الميادين كافة يعاقب فيه كل منتحل لصفة مهنية ليست له، وجب إذا معاقبة كل من ينتحل صفة الممثل المحترف واستغلال الاموال العمومية في غير ما رصدت له. ولا يتوقف الفصام عند السيد توفيق الجبالي في موقفه من المعهد العالي للفن المسرحي عند هذا الحد بل يذهب الى أعمق من ذلك. فلسائل أن يسأل هل هذا الشخص الذي يدافع اليوم عن هامشية القطاع هو نفس الشخص الذي وقّع سنة 1966 على بيان الاحدى عشر الشهير، فلئن كان نقد بيان الاحدى عشر لمسرح العروي آن ذاك صريحا وجارحا الى درجة نعته «بمسرح حديقة الحيوان» (Théâtre zoologique) فإن نقدنا لممارسات الجبالي لن تقلّ صراحة، فمسرحياته المنتجة داخل ما يسمى ستوديو المسرح بمجموعة من الهواة من الميسورين القادرين على دفع معاليم عملهم في مسرح الجبالي لا يمكن نعته إلا بمسرح «البرجوازية الصغيرة» (Théâtre petit Bourgois). فهل علينا أن نذكر أحد الممضين على بيان الاحدى عشر بتجربة جون فيلار أو الالماني برتولد براشت وهو من المتشدقين بالحديث عنهم وعن تجاربهم؟