أود في البداية أن أذكر السادة القراء بما كتبه قلمي على صفحات جريدة «الشروق» في عدة مناسبات عن برنامج «المسامح كريم» و«عندي ما نقلك» هي مقالات نابعة من نفس بريئة من كل «حسابات» أردت من خلالها دعوة أصحاب هذه البرامج إلى أن يقفوا وقفة تأمل ولو لسويعات ليتأكدوا بأنفسهم أن برامجهم عرجاء شكلا ومضمونا. كيف يمكن لمثل هذه البرامج أن تفتح بابها لأشخاص غايتهم كشف المستور بطريقة مخجلة جدا منافية تماما لمبادئ الحوار المتحضّر فلا تسمع سوى «به وعليه» هل يعقل أن يسمح المنشط لهذا الضيف بالتلفظ بألفاظ سوقية؟ هل يجوز أن يتعدى الضيف حدوده في حواره مع خصمه ولا يستطيع المنشط منعه من التفوه بألفاظ لا تليق ببرنامج يبث على قناة تلفزية؟ أليس من الأجدر أن نعالج مشاكلنا وخلافاتنا داخل بيوتنا وأن نتوصل إلى حلول ترضي الخصمين دون أن يتدخل «مسامح كريم» و«عندي ما نقلك» فالتونسي مهما كانت جرأته فإنه في الواقع لا يقبل أن يكون «أحدوثة» ترددها ألسنة الملايين. تصوروا ماذا يكون شعور مواطنة منكسرة النفس قصدت برنامج المسامح كريم وكلها أمل في أن طريقها المظلم سيُضاء بمجرد المثول أمام كاميراته وسرد تفاصيل خلافها مع عائلتها طامعة في أن تعانق من جديد دفء أسرتها ثم تكتشف أن كاميرا المسامح كريم هي في الحقيقة كاميرا برنامج «دائرة الضوء» سُلّطت عليها لتصورها ب«ثوب» المتهمة الهاربة من الحكم الغيابي. أين سافر ضميرك؟ أين اختبأت قيم مهنتك؟ أنت مطالب بإدخال السرور والفرح في النفوس المنكسرة فهل أصبحت تتاجر بمن يطرق باب برنامجك لحساب برامج أخرى؟ هل يعقل أن يتحيّل المنشط على أشخاص هم في حاجة إلى من ينصفهم ويزيح عنهم غبار الظلم والتعب؟.