الشعب الألماني مغرم هذه الأيّام بأخطبوط اسمهُ «بول»، يعيش في حوض في مدينة أوبرهاوزن، ويبدو أنّه مغرم بكرة القدم، وموهوب في التكهّن بنتائج الفريق الألمانيّ في مونديال جنوب إفريقيا! طبعًا لا يتكلّم هذا المتنبّي الجديد اللغة الألمانيّة، ولا أحد من مريديه يفهم اللغة الأخطبوطيّة...كلّ ما في الأمر أنّهم يقدّمون له وجبتهُ قبل كلّ مباراة في صندوقين متجاورين، يحمل أحدهما رايةَ ألمانيا ويحمل الآخر راية الفريق الخصم...فإذا اختار صندوقًا، رأوا في ذلك إشارة أخطبوطيّة إلى انتصار المنتخب الذي يحمل رايته!! وقد شاءت الصدفة أن تصحّ تكهّناته في كلّ المباريات التي لعبها الألمان حتى الآن...ولم يخطئ نسبيًّا إلاّ حين توقّع انتصارًا صعبًا على الأرجنتين، فكذّبتهُ الرباعيّة التاريخيّة، وكأنّها جاءت لتؤكّد كذب المنجّمين ولو صدفوا! على أيّ حال نحن هنا أمام أمر من اثنين: إمّا أنّ الشعوب العقلانيّة والواقعيّة انضمّت إلى شعوب قراءة الكفّ، وهذا يعني أنّ العولمة صبّت الجميع في قالب واحد وطالت حتى العلاقة مع الغيب! وإمّا أنّ المصادر العلميّة شهدت نقلة نوعيّة لم ننتبه إليها بعد، وتتمثّل في أنّ العلْم أصبح يُؤْخَذُ من رأس الأخطبوط، بعد أن كنّا نظنّهُ يُؤخذ من «رؤوس الفكارن»!!