عاجل/ تونس تتسلّم 233 سيارة وتجهيزات طبية أخرى من الاتحاد الاوروبي    عاجل/ 3 وزارات تعلن عن إمكانية تقسيط الديون المتخلّدة بذمّة هؤلاء    بنزرت: انطلاق أشغال تهيئة وتعبيد عدد من الطرقات الرئيسية والفرعية بالجهة بكلفة تناهز 4,7 ملايين دينار    انطلاق فعاليات الدورة الرابعة لمختبر السينماء بمركز التخييم والتربصات بدوز    مودريتش يقترب من وداع ريال مدريد... وجهته المقبلة قد تكون مفاجئة!    دعاء الجمعة الأولى من ذي الحجة    مائدة حوارية تسلط الضوء على سبل الحد من التدخين في تونس    حماية للأطفال: فرنسا تمنع التدخين في جميع الأماكن العامة    الغضب خطر صامت على الصحة: تعرّف على طرق الوقاية منه بخطوات بسيطة    خمسة أسباب تجعلك جاذبا للدغات ''الناموس''    تونس: 5تلاميذ من أطفال القمر يجتازون امتحانات الباكالوريا    توصيات هامّة من الحماية المدنية من اجل سباحة آمنة.. #خبر_عاجل    سيدي بوزيد: تخصيص 4 مراكز لتجميع الحبوب بطاقة تخزين جملية تناهز 73500 قنطار    117 كاتبا و 22 طفلا يتنافسون على الجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل    الخطوط التونسية تطلق عرضًا استثنائيًا نحو إسطنبول    صابة قياسية للحبوب في تونس بعد سنوات الجفاف: هل تنخفض أسعار العجين؟    حشيش داخل حلوى: شركة حلويات معروفة تسحب منتجاتها من السوق    مصر.. رجل أعمال سوري كبير يكشف عن تشكيل عصابي من جنسيات مختلفة    لجنة المالية تستمع إلى ممثل عن الديوان الوطني للحماية المدنية وممثلين عن وزارة الاقتصاد والتخطيط    العاصمة: الإطاحة ب4 أطفال سرقوا تجهيزات من مدرسة ابتدائية    صادرات تونس نحو البرازيل تزيد وتصل قيمتها إلى 137 مليون دينار في 2024    قفصة: دخول قسم الأطفال بالمستشفى الجهوي بالمتلوي حيز الاستغلال الفعلي    يوم 4 جوان.. لقاء حواريّ حول التّغطية الاجتماعيّة للفنّانين والمبدعين    الكاف.. انطلاق تظاهرة ثقافية في فن التصوير على مائدة يوغرطة    ملتقى الحرية للسباحة بفرنسا: جميلة بولكباش تفوز بذهبية سباق 1500 متر سباحة حرة وتحطم الرقم القياسي الوطني    أكثر من 64 ألف تلميذ يترشحون لمناظرة "السيزيام" لسنة 2025    بكالوريا 2025: شعبة الاقتصاد والتصرف تستحوذ على أعلى نسبة من المترشحين    رسميا: آرنولد في ريال مدريد لست سنوات    هام/ انطلاق بيع أضاحي العيد بنقطة البيع المنظمة بالميزان بهذه الجهة..    غزوة السفارة: أحكام سجنية ب 8 سنوات في حق 20 متهما مع النفاذ    تجهيز ملاجئ ومستشفيات.. إسرائيل تتأهب للحرب مع إيران    التعاملات المالية اليومية بتونس: 24 مليار دينار ''كاش'' يهدد الاقتصاد    عاجل/ متحور جديد من كورونا ينتشر في بعض دول العالم.. والصحة العالمية تحذر..    اكتشاف أثري ضخم يعيد كتابة تاريخ حضارة المايا في غواتيمالا    مهرجان دقة الدولي يعلن عن تنظيم الدورة 49 من 28 جوان إلى 8 جويلية    رحيل مفاجئ للفنانة المعتزلة سارة الغامدي    الصين تقرر إعفاء السعوديين ومواطني دول خليجية أخرى من تأشيرة الدخول    أسماء أولاد وبنات عذبة بمعاني السعادة والفرح: دليلك لاختيار اسم يُشع بهجة لحياة طفلك    الجامعة التونسية لكرة القدم: 18 جويلية جلسة عامة عادية واخرى لانتخاب اللجان المستقلة    السوشيال ميديا والحياة الحقيقية: كيف تفرّق بينهما؟    جوان رولينغ توافق على الممثلين الرئيسيين لمسلسل "هاري بوتر" الجديد    السعودية تطلق ''منصة بيانات الحج'' الرقمية لتعزيز متابعة وتنظيم موسم الحج    فخر الدين بن يوسف ينهي رحلته مع المصري البورسعيدي    قبل نهائي الكأس جماهير الملعب التونسي غاضبة ...وهذا السبب    زلزال بقوة 4.8 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    عاجل: تسريح عمال ... الجامعة التونسية للنزل توضح الإجراءات القانونية    حكم ابتدائي ب 8 سنوات سجنا ضد ثمانية متهمين في قضية "الغرفة السوداء"    رويترز: السعودية حذرت إيران.. "إما الاتفاق مع ترامب وإما الحرب مع إسرائيل"    المدرب جلال القادري يقود الحزم الى الصعود الى بطولة الدرجة الممتازة السعودية لكرة القدم    النقابة التونسية للفلاحين توضح أسباب اختلاف أسعار اللحوم بين السوق والتسعيرة الرسمية    رولان غاروس : ديوكوفيتش يفوز على موتيه ليواصل مشواره نحو رقم قياسي في البطولات الكبرى    وزير الشؤون الدينية: الحجيج التونسيون يؤدون مناسكهم على أحسن وجه    تحذير من ارتفاع مفاجئ في درجات الحرارة خلال عطلة العيد    طقس اليوم: سحب قليلة والحرارة تصل إلى 34 درجة    قيس سعيد يدعو إلى التقليص من عدد المؤسسات التي استنزفت أموال المجموعة الوطنية    خطبة الجمعة .. من معاني شهر ذي الحجة.. قصة إبراهيم وابنه    منبر الجمعة ..لبيك اللهم لبيك (3) خلاصة أعمال الحج والعمرة    ملف الأسبوع ...العشر الأوائل من شهر ذي الحجة .. اغتنموا هذه الأَيَّامَ المباركة    









رشائيات: رحيل أحد أهم أصحاب الأسئلة الكبرى والأسئلة الشائكة في القضايا الاسلامية
نشر في الشروق يوم 09 - 07 - 2010

لم أقرأ لنصر حامد أبو زيد الا متأخرة، بعد الضجة التي أثارتها بحوثه، لم أجد فيها ما يبرر كل تلك الثورة التي وصلت الى حد التكفير، فحامد أبو زيد له حق الاجتهاد الذي دعا إليه الاسلام، ولم يذكر كفراً، فقد توصل من خلال دراساته أن القرآن نص تاريخي وثقافي وهذا ولّد لدى البعض أزمة لا تزال مستمرة. اذ فهم من التاريخي انه زماني، ومن الثقافي فهم أن المقدس قد تأنسن. ومع ذلك هناك في كتاب «مفهوم النص». اشارات واضحة لاحتمالات دراسة أوسع في المستقبل. فهذه الأسئلة عن تاريخية النص ولغته وتوثيقه، قام بدراستها من خلال منهج النقد التاريخي، دون احساس بالخوف أو الخطر، لكن بمحاذير لا يمكن أن نقلل من شأنها.
انفتح أمام الباحث أفق يفكك الأسطورة التي ربطت ربطاً عضوياً تاماً بين لغة القرآن ورسالة القرآن، متوهمة أن لغة القرآن هي نفسها مقدسة ومنزلة.
حضرت لقاء مع نصر حامد أبو زيد في ماي سنة 1999، ضمن أسبوع دار المدى الثقافي، في المركز العربي بضاحية المزة بدمشق، وكأن كل الشام قد زحفت لحضور المحاضرة، رغم الطقس الحار اكتظت الصالة بالحضور، فالتجأ المنظمون الى شاشات التلفزيون داخل القاعات، وشاشة عملاقة على الجدار الخارجي للمركز، وشغلوا أجهزة الصوت المكبرة حيث اجتمع الناس على طول الشارع وعرضه، وتوقفت حركة مرور السيارات لمدة أربع ساعات أو أكثر, وقدم نصر حامد أبو زيد المفكر السوري صادق جلال العظم.
نشأ نصر حامد أبو زيد في عائلة فقيرة في ريف طنطا، وكان من الصعب على عائلته أن توفر له مواصلة تعليمه العالي لضرورة اعالة الأسرة من خلال وظيفة متوفرة، لكنه ثابر في محاولة لاستكمال دراسته واستطاع الحصول على الدكتوراه من جامعة القاهرة، ولم تكن الدكتوراه هي الهدف الأصلي للدكتور، كان يطمح إلى انجاز مشروع فكري يرتكز على النقد الجذري لكل الأصول التراثية التي تشكل مفاهيمنا ووعينا، ونتلقاها من جيل الى جيل، ونضفي عليها أشكال القداسة والتقديس.
تعرض نصر حامد أبو زيد للعنيف من الظلم والتجني، رغم أن أسئلته الحيوية اعتمدت منهج التأويل لقراءة التراث الفكري الاسلامي قراءة عصرية واعية، وان كانت الأسئلة شائكة فالأجوبة كانت أكثر تعقيداً، لأنها عرضته لفضيحة انغلاق من يدعون العلم والمعرفة، وابعاده من الجامعة التي قضى عمره باحثاً في أروقتها، فألغوا كتبه من رفوف مكتبة الجامعة. ولم يكفهم ذلك، بل ان فقهاء التعتيم رفعوا عليه دعاوى الحسبة (والحسبة في الشرع الاسلامي كما عرفها الغزالي عبارة عن المنع عن منكر لحق الله تعالى صيانة للممنوع من مقارفة المنكر).
خمسة عشر عاماً منذ صدور الحكم ضد حامد أبو زيد، شهدت فيها الفترة حالة جدل شديد لم تقتصر على مصر فقط، بل امتدت عربياً، وكان الحكم أشهر قضايا التكفير لكاتب في القرن العشرين, اذ صدر ضدّه حكم قضائي نص على تفريقه عن زوجته بناء على الدعوى التي اعتبرته مرتداً, فقد تسبب الحكم والجدل حوله في الغاء قضايا الحسبة من هذا النوع، الا أن الدكتور عبد الصبور شاهين صاحب التقرير الذي استندت عليه الدعوى القضائية، أنكر فيما بعد أنه قام بتكفيره، فهل سيعود الجدل حول القضية حتى بعد وفاة نصر حامد أبو زيد.
أصدر أبو زيد العديد من الكتب من أهمها «الاتجاه العقلي في التفسير دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة» و«فلسفة التأويل دراسة في تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي» و«أنظمة العلامات فى اللغة والأدب والثقافة مدخل الى السميو طيقا» و«مفهوم النص دراسة في علوم القرآن».
وعن أسباب رفض الدكتور عبد الصبور شاهين للأبحاث التي تقدم بها نصر حامد أبو زيد للحصول على الترقية قال في حوار صحفي إن: «أولاً: أبو زيد دعا الى الثورة الفورية على القرآن والسنة، لأنها نصوص دينية تكبل الانسان وتلغي فعاليته وتهدد خبرته، ويدعو الى التحرر من سلطة النصوص، بل من كل سلطة تعوق مسيرة التنمية في عالمنا».
ثانياً: «يقول إن القرآن منتج ثقافي تشكل على مدى 23 عاماً، وانه ينتمي الى ثقافة البشر، وأن القرآن هو الذي سمى نفسه، وهو بهذا ينتسب الى الثقافة التي تشكل منها»..
ثالثاً: «قرر أبو زيد بتفكيره الخاص أن الاسلام دين عربي، وأنه كدين ليس له مفهوم موضوعي محدد».
رابعاً: «هاجم في أبحاثه علم الغيب، فجعل العقل المؤمن بالغيب هو عقل غارق في الخرافة والأسطورة، مع أن الغيب أساس الايمان».
وأضاف شارحاً تقريره برفض الترقية «حفلت أبحاثه التي قدمها بكثير من الأخطاء التاريخية والعلمية، وقد كتبت في التقرير الذي أقرته اللجنة أن أبحاثه جدلية تضرب في جدلية لتخرج بجدلية تلد جدلية تحمل في أحشائها جنيناً جدلياً متجادلاً بذاته مع ذاته.. وليست هذه سخرية، ولكنها كانت النتيجة التي يخرج بها قارئ الكتاب اذا اعتبرنا الكتاب كتاباً».
محنة نصر حامد أبو زيد كانت وما زالت محنة الثقافة العربية في عصرنا الراهن. وكأن الفكر الحر والنقدي محكوم عليه أن يبقى أقلويا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.