في إفتتاح مهرجان قابس الدولي مساء السبت الماضي إستمعت إلى مجموعة من الأصوات من التلاميذ والطلبة من المعهد الجهوي للموسيقى بقابس وقد إنبهرت بالمستوى الفنّي الرّاقي للعازفين وإنضباطهم الفنّي وبجمال الأصوات التي شدت بأجمل الأغاني التونسية . هذه المجموعة أشرف على تأطيرها الفنّان المنجي الصويعي مدير المعهد والجامعي الذي إختار منذ سنوات بعيدة الإقامة في قابس للمساهمة في تكوين ناشئة متشبّعة بقيم الفن السّامي بعيدا عن ثقافة «العربون»التي دمّرت عددا كبيرا من الموهوبين في العزف كما في الغناء وقد واجه الصويعي في البداية صعوبات كثيرة كما حدّثني لكنّه نجح في مشروعه بإمتياز وقريبا سيفتتح المعهد الجهوي للموسيقى بقابس مقرّه الجديد الذي بغلت كلفته مليارا و150 ألف دينار وهو نموذج فريد في الجمهورية تمّ إنجازه بإمكانيات جهوية صرفة وهو مؤسسة موسيقية تربوية عمومية تابعة للمندوبية الجهوية للثقافة والمحافظة على التراث بقابس. عندما زرت المقرّ الجديد فهمت مرّة أخرى كم يعاني عدد كبيرمن أساتذة الموسيقى من النسيان هؤلاء الذين إختاروا العمل بعيدا عن الأضواء يشرفون على تعليم الأطفال والشبان أصول الموسيقى دون أن ينتظروا شيئا وكثيرا ما يكافؤون بالجحود والنكران عندما يكبر الأطفال ويصبحون نجوما وقد حدث هذا مع أكثر من أستاذ موسيقى لم يجن شيئا غير الجحود والنكران. المنجي الصويعي ليس الوحيد لكنّه واحد من عشرات أساتذة الموسيقى الذين إختاروا نبل التعليم والتكوين على أن يكونوا نجوما في عالم «العرابن» والحفلات تتخرّج على إيديهم كل عام العشرات من حملة ديبلوم الموسيقى العربية وديبلومات الإختصاص ويكفيهم هذا فخرا. المعهد الجهوي للموسيقى في مقرّه الجديد في قابس الذي سيفتتح في شهر سبتمبر تحفة فنيّة حقيقية نجحت مدينة قابس بإمكانات جهوية من إنجازه وكم أتمنّى أن تنسج جهات أخرى ومندوبيات جهوية أخرى على غرار قابس لأنّ هذا ما يبقى للتاريخ وللناس أمّا الحفلات التي تنفق عليها الملايين من أجل بهجة ليلية سريعا مع تنطفئ مع ساعات الصباح الأولى فهي ليست أكثر من عمل ضروري لتنشيط المدن لكنّه لا يبقى. فشكرا لقابس على هذا المعلم الجميل الذي سيتسفيد منه في كل موسم دراسي مئات التلاميذ من عشّاق الموسيقى.