بضع المئات من الجماهير توافدت على المسرح الأثري بقرطاج.. قبالتها جلس 28 عازفا لتقديم ألحان خالدة للراحل الجموسي صاحبهم 6 فنانين لتقديم 100 أغنية تحت عنوان «رحلة عاشق». محطات فنية وثقافية لأحد جهابذة الفن الأصيل الراحل محمد الجاموسي صاحب المواهب المتعدّدة صقلها وقدمها للجماهير العربية.. مصر والمغرب والجزائر وبالطبع موطنه تونس تلك المحطات حاول الأستاذ «لسعد الزواري» أن يلخصها في رحلة عاشق. حيث قدم 100 أغنية لمحمد الجموسي أداها كل من شكري عمر الحناشي ودرصاف الحمداني من تونس وحنان المهيري كذلك والمغني الجزائري عبد الله كرد والفنان السوري مجد رياض والفنانة نادية خالص من سوريا.. البرنامج المقدم كان ثريّا ومتنوعا على المستوى التنظيري ، لكن كان على الصعيد التطبيقي لم يرق الى مستوى الجموسي فما أطربنا به وأتحفنا لم يكن بالشكل الجيد أثناء الأداء ورغم حرفية العزف والاتقان الجيّد لعازفين محترفين، فإن طابع الجموسي غاب عند بعض المؤدين.. ابتسامة الجموسي! محاولة الأستاذ لسعد الزواري في تقديم الجموسي لم تخل من الحرفية والدراية بقيمة الفنان الراحل.. ففي بداية الحفل قدمت درصاف الحمداني مقطوعة غنائية رائعة أضيف إليها الابداع لما مسك الفنان شكري عمر الحناشي المصدح.. لكن ما أثار الاستغراب لينخرط المغني الجزائري عبد الله كرد المصدح وقدم موّالا لفن الراي حتى أنه ذكرنا «بالصوالح» في الفن الشعبي التونسي ونسي فن الجموسي ليخرط في محاولة لابراز صوته الذي أحدث نشازا على مستوى العرض المقدم.. حينها تدارك الأستاذ لسعد الزواري الوضع ليعيد ذلك المغني الى رشده ويغني للجموسي.. إلا أنه كان يغرد خارج السرب مما أثار نقطة استفهام لماذا كان هذا المغني ضمن المجموعة؟ ومن ذلك المؤدي الى زميله السوري رياض والذي صرح لنا قبل الحفل أنه لا يجيد الغناء التونسي فصدق كلامه لما اعتلىالركح وشرع في التأدية. الكل يعرف أن الجموسي صاحب ابتسامة لا تفارق محياه حتى أن تقاسيم وجهه المتسمة بالبهجة والسرور تدل على أن الراحل عاشق للحياة لكن جلّ الفنانين طغى عليهم الارتباك ودخلوا في حالة تسمر وتناسوا طابع الجموسي «عاشق الحياة» وصاحب البسمة. استمتاع ولكن.. الباقة المقدمة كانت تنم عن حرفيّة، فالألحان عانقت الابداع رغم أن جل العازفين من فئة الشباب.. والتصور كان رائعا وأغاني الجموسي خالجت في ما مضى الأحاسيس ولا تزال. فالجمهور استمتع ببعض الأغاني.. لكن نقطة استفهام تطرح لماذا لم يتم تأطير المغنين ليحاكوا صورة المبدع الراحل الجموسي ويقدمونه في شكل يليق بفنّه وبتاريخه الحافل بعيدا عن محاولة الفنانين الذين حاولوا ابراز طاقاتهم الصوتية لا ليس إلاّ.