أجمع المتدخلون في ندوة «المشروع القومي العربي وإعادة بناء الذات» امس على أن مشروع الوحدة العربية بقي مجرد حلم ولم يرق الى طور الانجاز الفعلي نتيجة عدة عوامل ومن ضمنها هيمنة المصالح القطرية على العربية والتدخلات والمشاريع الخارجية وعلى رأسها المشروع الأمريكي الصهيوني. وافتتحت محاضرات اليوم الثاني من الندوة التي ينظمها حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي بكلمة للأستاذ خالد السفياني من المغرب حول «المشروع القومي العربي وقيم الديمقراطية». وأكد الأستاذ السفياني ان الديمقراطية الفعلية كفيلة بحماية فكرة الوحدة التي لا يمكن ان تعيش او تستمر إذا ما بني النظام السياسي في الدول العربية على أسس طائفية او قبلية. وأشار السفيان الى ان توحيد الطوائف والأديان والمذاهب في العالم العربي يأتي بالضرورة قبل توحيد العرب حول هوية عربية جامعة. واعتبر ان المطروح اليوم على الأمة العربية هو ان تكون لها هوية ثقافية واحدة وأن تشعر كل المكوّنات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وخاصة الاقليات بأنها متساوية في الحقوق والواجبات مع الجميع. ويطرح المشروع القومي العربي جملة من العناصر المكوّنة له ومنها الديمقراطية والوحدة حسب الأستاذ خالد السفياني، الذي أكد ان هذه العناصر تشكل جسما واحدا وأن كل لبنة تتحقق هي خطوة في اتجاه هذا الجسم الواحد. وطالب الأستاذ السفياني بأن تكون الفكرة الحاضرة في كل تحرّك عربي وفي كل نهضة عربية هي ان الديمقراطية لا يمكن ان تتحقق في الوطن العربي طالما بقي القرار مرهونا بالخارج مشيرا الى ان الوحدة تتطلب استقلالا كاملا. واعتبر ان الغرب يحاول ان يظهر نفسه بمظهر المدافع عن حقوق الانسان والحريات الشخصية والاقليات لكنه يمس جوانب من شأنها ان تعمق الصراعات داخل القطر الواحد وليس معالجة تلك المواضيع. وفي المداخلة الثانية تطرق الأستاذ معتصم حمادة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الى موضوع «المشروع القومي العربي والقضية الفلسطينية». تقسيم وفي هذا الاطار بين الاستاذ حمادة ان الدول العربية اصبحت مقسمة الى ثلاثة أجزاء حيث يقيم الجزء الاول علاقات شبه طبيعية مع كيان الاحتلال الصهيوني، بينما يقيم الثاني علاقات خفية او غير معلنة معه، فيما يشهد الجزء الثالث او دول الممانعة حالة حصار أمريكي. واعتبر المحاضر ان الشعب الفلسطيني اصبح يعيش حالة من اليأس لأنه فقد الأمل في تحرّك عربي موحد وفي المسار الذي اختارته السلطة الوطنية الفلسطينية. وأوضح الأستاذ حمادة ان الموقف العربي الرسمي من القضية الفلسطينية يعيش ما يسمى ب «مبادرة السلام» والتي تنازلت عن الكثير من الحقوق الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة وبالرغم من ذلك مازال الموقف العربي الرسمي يتمسّك بمشروع أوباما ميتشل للمفاوضات بعد ان كان متمسّكا بأنابوليس ومن قبله أوسلو وغيرها. واعتبر المحاضر الفلسطيني ان لدى الانظمة العربية من عناصر القوة ما يمكنها من تبني خيار المقاومة بعد فشل المسار التفاوضي وما يمكنها ايضا من إعادة صياغة العلاقات مع الولاياتالمتحدة على قاعدة المصالح المتبادلة. حيث أشار الى أنه لا يمكن النظر الى الصراع مع اسرائيل بمعزل عن الصراع مع أمريكا فهي راعية المشروع الصهيوني في المنطقة العربية. وفي اتجاه آخر اشار الاستاذ معتصم حمادة الى أنه لا يمكن مواجهة المشروع الأمريكي إلا عبر حركة شعبية ديمقراطية مقاومة. النقاش وفي سياق رده على أسئلة الحضور قال الأستاذ خالد السفياني إن أخطر ما يتربص بالمشروع القومي هو ان يكون ايديولوجيا بدلا من أن يكون انتماء ثقافيا ووعاء جامعا لكافة الأطراف. ذلك ان المطلوب حضاريا هو تجميع شتات الأمة وحذّر من مغبة الدخول في فتنة دينية «شيعية سنية» او عرقية تفجّر الأوضاع الداخلية في الاقطار العربية. ودعا السفياني الى التخلي عن الافكار الاقصائية والاستبعادية وشدد على ضرورة اعتماد اللبنات القومية الحضارية والسياسية للوصول الى التحرير والاستقلال. وأكد انه لا تحرير دون وحدة ومصالحة وأوضح ان العراق اليوم يجزأ لأنه لا توجد فيه ديمقراطية وكل الديمقراطيات المتطرق إليها حاليا ديمقراطيات كاذبة وواهية. من جهته، علّق الأستاذ معتصم حمادة على مداخلات الحاضرين بالقول ان منظمة التحرير ليست طيفا سياسيا جامعا بشكل عادل فهناك حركات تستبّد بقراراتها. وأضاف ان قرار فلسطين المستقل اتخذ من طرف سياسي محدد، واصفا اياه بالكذبة لانه لا يأخذ بعين الاعتبار الحضن العربي الكامل للقضية الفلسطينية. وأشار حمادة الى ان البرنامج المرحلي الذي اقرته المنظمة والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين كان مرحلة جزئية للمشروع النهائي وهو قيام دولة فلسطينية ديمقراطية على كل أراضي فلسطين التاريخية وجدد رفضه لحل الدولتين. ٭ تغطية وحوار: أمين بن مسعود وعبد الرؤوف بالي