على الرغم من أن لا شيء سوف يُقدّم اليهم، إلاّ الفتات الذي لا يرضي بل الفواضل التي لا يقبل بها أحد، فإن الفلسطينيين سوف يجرّون جرّا الى المفاوضات المباشرة مع اسرائيل، وقد صرّح منذ أيام رئيس السلطة السيد أبو مازن بأنه لا مناص من تلك المفاوضات ممهّدا للقبول بها بعد رفض لم يدم طويلا. ولا شكّ أن للسيد أبو مازن منطقه فهو الذي أدمن التفاوض وتمرّس فيه حتى أصبح اختصاصه وهو الذي ينطلق من أن حالة الجمود الحالية لا تخدم الا الطرف الاسرائيلي وهو الذي لا يؤمن أصلا بأي عمل عسكري ضد اسرائيل فهو في نظره بلا جدوى. وبالتالي فإن لا بديل عنده عن المفاوضات حتى وإن سبق أن أعلن منذ أشهر بأن لا فائدة منها إذ ليس هناك ما يقع التفاوض حوله مع اسرائيل فكل شيء عندها مرفوض وكل حل ممنوع. فما الذي جعله يلوّح بجديده هذا؟ بالطبع هناك الضغوط الدولية وقبلها ما ترسّخ فيه هو شخصيا من قناعات وبعدها ما صعّدت به اسرائيل منذ تاريخ عدم قبولها بإيقاف الاستيطان الذي ردّت عليه السلطة الفلسطينية بإيقاف المفاوضات المباشرة، ثم استسلام الإدارة الأمريكية كليا للمنطق الاسرائيلي وغضّها الطرف عن كل الاجراءات الخطيرة التي اتخذتها بعد ذلك ومنها اجراءات عنصرية ما كان أحد يتخيّل أن تقدم عليها. لكن هل يبرّر هذا كله العودة الى ذلك المثل الشهير الذي يقول : كالأيتام على مآدب اللئام.