يبدو أن الفنانة المغربية سميرة بن سعيد تعيش حالة انفصام فني إذ تناست البعض من تاريخها الفني المجيد لتواكب العصر وتتماشى وميولات الشباب... هذا ما لاحظناه اثناء عرضها ليلة أول أمس بمهرجان قرطاج الدولي. المسرح الأثري تحول الى علبة ليلية فالأضواء كانت ساطعة قصد اضفاء الفرجة وقبل العاشرة ليلا بنيف من الزمن قدمت سميرة بن سعيد وسط موكب وقد خلنا أن السهرة ستكون في مقام ذلك الموكب... وأثناء دخولها هبّ رجال الصحافة نحو الفنانة لتتقمص دور البطولة وتغطي وجهها لتتحاشى التصوير. سميرة دخلت غرفتها الخاصة لتتزين وتترك المجال لعازف «الأكرديون» فاروق سلامة الذي قدم أروع وأعذب الالحان لأغنية ألف ليلة وليلة و«يا جميل» و«عنابي يا عنابي» ليشترك الجمهور وينخرط في الغناء لا إراديا... وللاشارة فإن فاروق سلامة كان قد رافق ام كلثوم في جولات عديدة من عروضها. الجمهور استمتع بأعذب الالحان وانتظر سميرة بن سعيد التي دخلت الركح بفستان ابيض وتقليعة غريبة... ولم تفلح المساحيق في اخفاء تجاعيد وجهها. سميرة كانت تقلد مشية عارضات الأزياء لتشرع في الغناء فأدت «أنا رجعة يا أغلى حبيب» لكن رجوعها لم يكن في مستوى التطلعات فقد ركزت سميرة على الايقاع وحصل اللاتناسق... مع الفرقة ليعيش الجمهور حالات من الذهول لطريقة الحضور الركحي لسميرة وتحوله الى علبة ليلية وسط تشجيع ثلة من المقربين لها». وقد حاولت قدر الامكان أن تنال اعجاب الجمهور فراوحت بين قديمها وجديدها فغنت «أوام كده» و«أيوه باشتاق لك ساعات» و«على البال».... وغيرها من الاغاني... ولمزيد من اضفاء المتعة حسب قول سميرة فقالت سأرتجل خلال هذا الحفل واستدعت الملحن صلاح الشرنوبي ليغني معها لكنه لم يكن هناك الارتجال فالكورال المصاحب أمن البعض من المقاطع وشارك صلاح في الغناء لنعي ان الارتجال كان مفبركا. أثناء غناء الشرنوبي اكتفت سميرة بابتسامة وديعة وأظهرت الخجل لتقول للجمهور إنني أمام جهبذ التلحين على الساحة العربية وحاولت بطريقة تعبيرها نفخ صورة صلاح الذي أدى أغنية غاب فيها الصوت الجميل وحتى المتوسط... ليضاف الملل لدى الجمهور... ولما أحست سميرة بن سعيد بذلك عادت لتنخرط في خلق أجواء صاخبة لتهييج الحضور. وقد نجحت في بعض الاحيان لكن سميرة بن سعيد لم تقرأ حسابات لماضيها التليد لما كانت احدى النجمات العربيات في الساحة الفنية وبين ذلك الماضي ومحاولة مواكبتها للعصرنة فقد رمت سميرة بن سعيد بتاريخها الفني عرض الحائط ليترك الجمهور في حيرة من أمره ويعلق البعض فبالاضافة الى ما تركته من انطباع فإن صوت سميرة لا يصلح الا للاستوديوهات او المنوعات التلفزية وليس على الهواء الطلق وخاصة على ركح المسرح الاثري بقرطاج اين يكرم الفنان او يهان!!