سهرة قد تظل في المخيّلة لثلة من الفنانين المتميّزين داخل المغرب العربي الكبير أثثوا ليلة أول أمس سهرة فنية رائقة في مجملها كانت ضمن فعاليات الدورة الأولى لأيام قرطاج الموسيقية. ولعل أهم الانطباعات التي تظل راسخة ان المسرح البلدي احتضن خارطة المغرب العربي الكبير فقد استمتع الجمهور بباقة من الأغاني والألحان المتنوعة فحضر الغناء الطربي وتحوّل المسرح في بعض الأحيان الى علبة ليلية وملأت الأنغام الأفرولاتينية أرجاء المسرح وتم الاستمتاع ب «فزّاني» القطر الليبي الشقيق... إضافة الى أنغام الراي.. السهرة انطلقت في حدود التاسعة ليلا حينها اعتلى الفنان الموريتاني «دابي توري» الركح لكن كان الجمهور غير مبال بقدومه وما ان بدأ في العزف على آلة الغيثارة شد الانتباه لينخرط «دابي توري» في الغناء بلمحات موريتانية مختلفة... وانسجم معه الجمهور ووقف وصفّق مرارا وتحوّل الى كورال يردد ما يغنيه «دابي توري» شبيه «بوب مارلي» في الأداء والتحرّك على الركح وعند ملاحظته لانسجام الجماهير ذكر كلمات خالدة تنمّ عن حبّه لتونس فقال: «ما شدني في هذا البلد الرائع منذ وصولي أن الابتسامة لا تفارق جل من وقعت عليهم أعيني». وبعد ان اكمل «دابي توري» هذه الكلمات ترك المجال للفنان التونسي صلاح مصباح الذي قدم أروع أغانيه وكانت أغنيته الأولى والتي رفضتها لجنة الفرز تحكي تفاصيل الوجع العربي، صلاح ذكر الحضور ببعض الوقائع التي تركت المرارة في أكثر من بلد عربي أولها حادثة فلسطين 48 ومصر سنة 67 ومجزرة صبرا وشاتيلا 82 الغارة التي وقعت على حي بن عاشور 86 والمثيلة بحمام الشط سنة 85. بهذه الكلمات شدّ صلاح مصباح الجمهور ليتابع تفاصيل الأغنية التي حملت مضامين عدة.. ومع روعة الكلمات كان اللحن أروع فصفق الجمهور طويلا لهذه الأغنية.. صلاح مصباح لاحظ الانسجام فقدم أغنيتين «التنهيدة» و«دموع الحق» واستعان بعوده ليواصل الابداع بصوته الجهوري ودندنة عوده الشيّقة.. وبعد العرضين الموريتاني والتونسي اعتلت الفنانة الليبية أسماء سليم لتغني أغانيها «غريبة» و«لو كان تدري» و«وين غمزتي» ورغم محدودية صوتها فقد استمتع الجمهور بالايقاع وحضورها الركحي وأناقة فستانها. ومن المغرب الأقصى الشقيق اعتلت الفنانة فاطمة الزهراء الحلو وقدّمت أربع أغان تفاعل معها الحضور في جل الردهات.. مسك ختام السهرة كانت من الجزائر الشقيق للفنان عبدو درياسة فذكّرنا بأغنية والده «نجمة قطبية» وغنى «ياكوته» و«بختة» و«وهران» فكانت باقة من الأغاني المحبذة والتي رددها جل الحضور. وجدير بالذكر ان الحفل الذي أقيم ليلة أول أمس بالمسرح البلدي يحسب لإدارة المهرجان لأن الحفل كان ناجحا بجميع المقاييس وتعرف الجمهور عن قرب لأغان رائعة غير مستهلكة جعلته يعي بثراء المخزون الفني للمغرب العربي الكبير.