الكبار.. بشرا كانوا أم دولا يحتاجون دائما الى الصغار لتحقيق مآربهم.. والصغار هنا بمعنى صغار الحجم أو صغار النفوس.. أخيرا صرح زعيم الأغلبية اليمينية الحاكمة في ايطاليا سيلفيو برلسكوني أن الرهائن الايطاليين الثلاثة تم الافراج عنهم اثر عملية استخباراتية معقدة وأن وحدة من قوات التحالف نفذت العملية بنجاح.. الرجل كان يحتاج الى حكاية مثل هذه ليغرق بها الاعلام ويرد على الشعب الايطالي الرافض للحرب على العراق.. بهذه النهاية السعيدة يستطيع برلسكوني القول أنه زعيم قوي وشجاع ولا يحاور المقاومة العراقية او كما يسميها هو الارهابيين.. وقد تم استقبال الرهائن المحررين على أنهم أبطال ولفّوهم بالاعلام الايطالية وكأن الحرب على العراق هي حربهم أو كأن برلسكوني عنده ثأر من العراق خاصة وأنه جلس في مواقفه على يمين بوش ولم يرف له طرف من فضائح الاحتلال وحتى من أبو غريب... غير أن طبيبا رافضا للحرب على العراق ويدعى استرادا جاء لينغّص على برلسكوني نشوته بالضربة الاعلامية الكاسحة قبيل انطلاق الانتخابات الاوروبية.. هذا الطبيب الذي يرأس منظمة «طوارئ» الطبية والذي زار العراق آخر مرة قبل شهر يفرض التفاوض مع المختطفين صرح لصحيفة «لاريبوبليكا» الايطالية بأن احدى المنظمات أبرمت صفقة بنحو ملايين دولار مع منظمة «الفيالق الخضراء» التي كانت تحتجز الرهائن رغم أن المفاوضات كانت تجري بنسق ايجابي وقد تم نقل الرهائن الى منطقة «أبو غريب» حيث كان من المتوقع تسليمهم الى احدى الجماعات السلمية الايطالية الا ان «أحدا ما» استعجل اتمام الصفقة بهدف مكسب دعائي مع اقتراب الانتخابات الأوروبية... وقال ان المسرحية التي قدّموا بها عملية تحرير الرهائن باءت بالفشل... انتهت الحكاية.. والأكيد أنكم تشعرون مثلي بأن ما يحدث في العراق قديم يعاد.. هناك تكرار ممل للكذب وخلط ركيك بين الواقع والسينما... فهذه الحادثة شاهدناها سابقا مع العسكرية لينش التي تحولت الى بطلة وهي من كذبت الكذابين بعد ذلك في كتاب شهير... سؤال وحيد مازال يطرق رأسي : لماذا لا يشبه برلسكوني الايطاليين... من أين له هذا الحقد على العرب والعراقيين.. أعرف أن اللوبي اليهودي يعتبره صديقا عزيزا وكرّمه أ كثر من مرّة.. ولكن هذا وحده لا يكفي.. ومع ذلك سنظل نحب «السباقيتي» واليوفي وميلانو لأن برلسكوني... لا يشبه الايطاليين.