شكّلت القرارات التي انبثقت عن المجلس الوزاري الذي انعقد أوّل أمس السبت بإشراف الرئيس زين العابدين بن علي، شكّلت تلك القرارات التفاتة رئاسية في توقيتها لتعزيز الإحاطة بالفلاحين وخاصة المشتغلين بقطاع الزراعات الكبرى وتربية الماشية في ظلّ الظروف المناخية الصعبة بالنسبة الى الحبوب والأعلاف. وكانت مؤشرات عديدة انتهت إلى تسجيل تراجعات على مستوى صابة الحبوب لهذه السنة ممّا يمثّل تحديّا كبيرا لعشرات الآلاف من الفلاحين من حيث نقص مداخيل الحصاد ومن حيث تناقص كميات الأعلاف، وكذلك بما سيمثّلهُ من تحدّ للدولة وذلك على خلفية ضرورة التحرّك في اتجاه الأسواق العالمية من الآن لتأمين الحاجيات المحلية من الحبوب. ودائما وفي مثل هذه الظروف الصعبة كانت الإرادة الرئاسيّة جنبا إلى جنب مع العائلة الفلاحية تقدّم لها الدعم الاستثنائي وتقرّ لفائدتها الإجراءات التفاضلية سواء على مستوى التزوّد بالبذور أو إعادة جدولة الديون أو دعم أسعار الحبوب عند الإنتاج والمنح الاستثنائية عند التجميع، وذلك بغاية التحفيز وضمان مردودية القطاع الفلاحي ومساعدة للمشتغلين به على تجاوز الظروف الصعبة والاستثنائية. وللتذكير فإنّ العقدين الفارطين شهدا على الدوام وباستمرار اهتماما رئاسيا واسعا بالقطاع الفلاحي مكّن من خلال أكثر من 1400 قرار وإجراء من تطوير عديد المؤشرات وتحسين مردودية الإنتاج في العديد من المجالات الفلاحية والزراعية ، ولكن فإنّ القطاع لا يزال دوما عُرضة للتقلبات المناخية التي ازدادت حدّتها خلال الفترة الأخيرة وأوجدت العديد من الصعوبات والتحديات على مستوى استدامة الإنتاج الزراعي على النحو المأمول. وإلى جانب الدعم والمساعدة والتحفيز المادي والمعنوي فإنّ القطاع الفلاحي في بلادنا وبالأخص منه قطاع الزراعات الكبرى لا يزال يحتاج إلى دراسات معمّقة بغاية تجاوز عديد النقائص العالقة به وتوفير الظروف الملائمة لاستغلال المواسم الماطرة على أفضل وجه لتأمين مخزونات كافية من الحبوب نحتاجها في صناعاتنا الغذائية المختلفة وتُقلّص من حجم وارداتنا من هذه المواد والمنتوجات الأساسيّة والهامة بغاية الوصول لاحقا إلى تحقيق الأمن الغذائي وهو هام جدّا في مثل هذه الظرفيات المتسمة بتقلبات الأسعار وتذبذب حال جلّ الأسواق الدولية. إنّ من بين الأهداف الإستراتيجية التي يجب أن توضع موضع المجاز والتنفيذ العملي والناجع هي السعي وفي آجال معقولة وباغتنام ما وفّرتهُ الإرادة الرئاسية من فرص وإمكانات، السعي إلى النهوض بمردودية قطاع الزراعات الكبرى والزيادة في الإنتاج الوطني من مختلف أصناف الحبوب وبالأصناف الجيّدة ، إذ من غير المعقول أن يتواصل حال القطاع على ما هو عليه من تشتّت وضعف مردودية وتأثّر بأخفّ التغيرات المناخية ، من غير المعقول أن يدفع هذا الوضع الفلاحي بضعف مردوديته الدولة إلى ولوج دائم للأسواق العالمية لاقتناء كميات من القمح وسدّ الاحتياجات المحلية من الخارج. لهذه الأسباب والاعتبارات أوصى رئيس الدولة خلال المجلس الوزاري ليوم السبت الفارط بضرورة الحرص على النهوض بمردودية قطاع الزراعات الكبرى بالنظر الى أهميته الاستراتيجية، كما أوصى سيادته بمزيد دعم تأطير الفلاحين وتكثيف الإرشاد الفلاحي بما يساهم في تحسين إنتاجية هذا القطاع، ذلك أنّ التأطير والمرافقة والإرشاد والتوجيه مهمات في غاية الدقة والمكانة يجب أن تنال الاهتمام اللازم من الهياكل الإدارية لوزارة الفلاحة وكذلك من الهياكل المهنية التابعة للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وأن يكون العمل موحّدا ومنسجما حتى يتمّ تقديم المعلومة الفلاحية المتناسقة والمتناسبة مع وضع القطاع ووضع المشتغلين به وذلك من أجل أن يتمّ تحقيق الأهداف المرجوّة وفي أيسر السبل وأسهلها وفي الآجال المعقولة التي تؤمّن حاجيات البلاد من مثل هذه المنتوجات الزراعية الأساسية والحساسّة وتكفّ عن بلادنا أعباء التوريد وتزيح عنّا مخاوف تقلبات الأسواق العالمية وتُبعد عنّا الكثير من الأضرار والسلبيات.