أُثيرت خلال الأسابيع القليلة الفارطة العديد من المسائل المتّصلة بالعلاقات بين الأحزاب الوطنية وسبل تنسيق أعمالها ومواقفها بخصوص متطلبات واستحقاقات المرحلة المقبلة والوضعيات الراهنة التي تمرّ بها مختلف الأحزاب، وطُرحت وسط هذا الحراك جوانب تقييم مختلفة البعض منها بلغ درجة التباعد والتباين، «الشروق» التقت السيّد هشام الحاجي عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية المكلّف بالعلاقات مع الأحزاب والجمعيات والمنظمات وطرحت عليه مجموعة من الأسئلة حول مآل التنسيق والتحالف بين الأحزاب السياسية شروطا وظروفا ومتطلبات وتطورات الأوضاع داخل حزب الوحدة الشعبية وسط ما يروج حول مبادرات للمصالحة. أجرى الحديث: خالد الحدّاد تدارس الاجتماع الأخير للمكتب السياسي لحزبكم مسألة الوضع الحزبي والاستعدادات للمؤتمر القادم في أجواء يبدو أنّها إيجابية، ماذا عن طبيعة النقاش وهل هي بداية حقيقية لتحقيق المصالحة بين قيادات الحزب ومناضليه؟ إنّ الأجواء داخل حزبنا لم تبلغ قطّ مرحلة القطيعة وهذا ما لعب دورا إيجابيا في الارتقاء بالحوار وجعله ينصبّ أساسا حول البحث في طرق تطوير أداء الحزب وقد شهد الاجتماع الأخير للمكتب السياسي حوارا هامّا أدّى إلى ضبط تصوّر أوّلي للإعداد للمؤتمر الوطني القادم الذي سينعقدُ سنة 2011، كما تمّ تشكيل لجنة لإعداد مؤتمر المنظمة الشبابيّة الذي لم ينعقد منذ مدّة ووقع الاتفاق على دعوة المجلس المركزي للانعقاد لإعطاء إشارة الانطلاق الفعلية للإعداد للمؤتمر الذي نتّفق جميعا على أنّنا نريده مؤتمرا يعكسُ مكانة حزب الوحدة الشعبية ودوره ويبرز نضجه وقدرته على تقديم تصورات تساهم في تسريع نسق التحديث السياسي والاجتماعي والثقافي. هل تعتقدون أنّ الظروف الحالية المتصفة ببداية تقارب في الرؤى بين قيادات الحزب ومسعى لإذابة جليد الخلافات السابقة، هل أنّ هذه الظروف ملائمة لانعقاد المجلس المركزي في أجواء طيبة، ألا تخشون من وقوع بعض الاهتزازات خلال هذا الموعد الحزبي الهام والذي سبق تأجيل انعقاده في موعده العادي بداية شهر جويلية الفارط؟ لا أعتقدُ أنّ انعقاد المجلس المركزي سيكون مناسبة لظهور بعض الاهتزازات لأنّ الجميع يُدركُ حساسية الظرف ولأنّنا سننصرفُ انطلاقا من هذا المجلس المركزي للإعداد للمؤتمر الوطني القادم، وقد شهدت اجتماعات المجالس المركزية نقاشات هامة في إطار ممارسة أعضائه لحقّهم في إبداء الملاحظات والانتقادات وتقديم التصورات التي من شأنها أن تقضي على ما يعتبرونه تقصيرا وخللا والأكيد أنّ حزبا يُناضل من أجل تكريس الديمقراطية مدعوّ قبل غيره إلى أن يكون ديمقراطيا في تسييره وأن يعود إلى أهمّ هياكله بين مؤتمرين من اجل التقييم واتخاذ القرارات الملائمة التي تتناسب مع طبيعة المرحلة وحجم الرهانات التي تنتظر مختلف مكوّنات الساحة السياسية الوطنية عموما ومنها حزبنا. حسب ما يروج فإنّ الخلاف داخل حزبكم كان بسبب مسائل متعلقة بتصريف شؤون الحزب وطرق الانخراط في بعض المبادرات السياسية والحزبية.. هل تمّ تجاوز مثل هذه المزالق؟ لقد لفت عدد من أعضاء المكتب السياسي في وقت سابق انتباه الرفيق الأمين العام محمّد بوشيحة إلى ما اعتبروه نقصا في التشريك وتخلّيا عن قواعد الشفافية التي يجب ان تحكم تسيير الحزب وكان هناك تجاوب من الأمين العام مع هذه الملاحظات وسمح ذلك باستعادة المكتب السياسي لوتيرة اجتماعاته وبإزالة كلّ أسباب الاحتقان وهذا يعني أنّ الأمر بسيط في ظاهره ويتمثّل في أنّ التسيير الديمقراطي هو الذي يجب أن يبقى سائدا لضمان التجانس ووحدة المواقف داخل الهياكل، ومن الأمثلة على ذلك الحوار العميق حول مبادرات التنسيق والتحالف بين الأحزاب السياسية التي سايرها الرفيق الأمين العام من منطلق إيمانه بأهمية التنسيق والتحاور ولكن النقاش الداخلي الديمقراطي سمح بإبراز بعض الجوانب السلبية لهذه المبادرة ووضع لها شروطا من شأنها أن تُجنّب الحزب السير في تجربة جديدة فاشلة، لأنّ التحالف أو التنسيق يجب أن يكون مسبوقا بحوار تشارك فيه هياكل الأحزاب المعنية لإبراز نقاط الالتقاء ونقاط الاختلاف السياسية والإيديولوجية والبحث عن أدوات تجاوزها وهو ما لم يتوفّر في الخطوات التي قطعت إلى حدّ الآن بين الأمناء العامين الثلاثة (بوشيحة إينوبلي ثابت) وهو ما من شأنه أن يمنح الرأي العام شعورا بعدم الجديّة وبأنّ المسألة لا تعدو أن تكون ردّ فعل انفعالي قوامه تقارب شخصي ومزاجي في حين أنّ المطلوب هو تقارب موضوعي ينبني على جدية وقواعد واضحة ومعلومة تخدمُ الواقع السياسي في البلاد أكثر ممّا تلحق به الأضرار أو المساوئ. من موقعكم كرئيس كتلة برلمانية وما تحضون به من ثقة واسعة لدى مناضلي وقواعد الحزب، هل تؤكدون سلامة التمشي الحالي إلى حين المؤتمر القادم؟ بكلّ تأكيد فإنّ ما حققه الحزب إلى حدّ الآن من مكاسب وتجنّبه لمنطقة الأزمة ومنطقها هو دليل على سلامة التمشي الحالي، هذا التمشي الذي سنعمل جميعا لدعمه وذلك بإنجاح وتطوير الروح التوافقيّة التي تقضي على الخلافات الهامشية وتسمح بفتح الأبواب أمام كلّ الطاقات وضمان عودة كل المناضلين وتمنحُ مؤسسات الحزب القدرة على الاشتغال وعلى التعاطي مع المستجدات وهناك كلمة حق أرى لزاما قولها وتتمثل في أنّ الرغبة في التطوير والتجاوز تقود كلّ أعضاء المكتب السياسي وأغلب إطارات وقواعد الحزب وهذا عامل هام من أجل المحافظة على وحدة الحزب.