رغم حملات المراقبة الاقتصادية والصحية المعلنة خلال شهر رمضان، ينتصب عدد كبير من التجار يعرضون قوارير من المشروبات الغازية مجهولة المصدر ومختلفة عن الماركات المعتمدة والمعترف بها. وتجد هذه البضاعة رواجا محترما رغم غياب الشروط الصحية للانتصاب تحت أشعة الشمس ورغم مجهولية مصدر هذه المشروبات الغازية التي يؤكد باعتها انها مجلوبة من بلد مغاربي شقيق. هذه المشروبات الغازية التي تعرض في قوارير بلاستيكية من سعة لترين بألوان مختلفة وأسماء متعددة، تمكن باعتها من ترويج بضاعتهم التي انتصبوا بها على قارعة الطريق داخل عربات مختلفة الأحجام ويتنقلون بها بين الأسواق وخصوصا الفوضوية ليطفئوا لهفة المستهلكين. وتباع هذه القوارير بدينار ونصف(لتران) للواحدة. والملفت للانتباه الى جانب كثرة ألوان هذه المشروبات بين الابيض والاحمر والاخضر والاسود وغيرها، هو تجمهر عدد كبير من الناس حولها منهم من جاء بدافع التعرف الى هوية الزائر الغريب ومنهم قصد اقتناء البضاعة تحت سطوة إغراء اللون والسعر والدعاية الشفوية لمرافقي البائع وتتم العملية في مطلق الهدوء والاطمئنان من البائع خصوصا رغم كون البضاعة مجهولة المصدر وغير مراقبة صحيا. مغريات السعر واللون وأكد احد الشبان الذين اقتنوا كميات من هذه المشروبات ان الفضول دفعه «لتجربة» هذا النوع الجديد كما أغراه السعر الذي يرى انه مناسب خصوصا للأسرة وافرة العدد. وعن مدى خطورة هذه المواد المجهولة وغير المراقبة على الصحة، نفى هذا الزبون أن تكون لديه فكرة، بينما اكد زبون آخر(كهل) أنه أصبح حريفا وفيا لهذه المشروبات «المستوردة» نافيا ان يكون قد حصلت له تعكرات صحية. وفي المقابل اكد احد الموظفين ان معدته آلمته جراء تناول احد ألوان هذه المشروبات مؤكدا أنها تحتوي على كميات كبيرة من الغازات وأنها «قوية». المراقبة والديوانة؟ عدد كبير من المستهلكين استغربوا من تعدد نقاط البيع بمدينة القيروان بشكل ملفت ما جعلهم يتساءلون عن دور المراقبة الاقتصادية والصحية والبلدية وكيف يسمح لهذه البضاعة التي تباع للمواطن رغم مصدرها المجهول وظروف عرضها غير الصحية شأنها شأن مواد اخرى مثل الشيكولاطة والحلويات والاجبان والعصائر داعين الى تدخل حازم لحماية المستهلك. وباتصالنا بالسيد محمد الخليفي المدير الجهوي للتجارة بالقيروان بين ان إدارته تفطنت الى عرض هذه المشروبات الغازية المجهولة المصدر بالأسواق وأكد ان أعوانه تدخلوا للغرض وقاموا بتحرير عدد من مخالفات «مسك وترويج بضاعة مجهولة المصدر» وحجز بعض القوارير منها. وبين الخليفي ان «أعوانه» تعرضوا الى مضايقات وصعوبة في التعامل مع باعة هذه المشروبات اثناء قيامهم بواجباتهم مؤكدا ان إدارته تحركت في اطار ما يسمح به القانون كما تمت مراسلة الجهات المعنية والمتدخلة في الموضوع ودعوتها الى اتخاذ الإجراءات اللازمة. مؤكدا انه ينتظر تسيير دوريات مراقبة مشتركة بين إدارة الصحة الى جانب التنسيق مع مصالح الديوانة. «من اين وكيف أتيت»؟ ولنا ان نتساءل عن كيفية دخول هذه المواد الى الأسواق التي تتوفر بكميات كبيرة لا يمكن ان تتخفى تحت الملابس او في اطارات العجلات. ولعل هذه المواد الغذائية مجهولة المصدر التي تكتسح الأسواق الفوضوية تتطلب تدخلا حازما من جميع الأطراف المتدخلة من أجل حماية المستهلك من هذه المواد ومن لهفته خاصة وانه ثبت صحيا خطورة هذه المشروبات الغازية التي اكتسحت أسواق دولة مغاربية شقيقة وتبين بعد تحليلها انها تحمل مواد ملونة مسببة للسرطان. بينما ينتظر المستهلك(في القيروان وفي مدن أخرى) ان تتم تحليل هذه المواد المعروضة لبيان صلوحية استهلاكها والتصدي لعملية جلبها وبيعها اذا ثبت ضررها حماية لصحة المستهلك الذي تدفعه شهواته في شهر رمضان دون تمحيص او تثبت أو نبراس. فهل من تدخل عاجل لهذه الظاهرة...أم اننا ننتظر حدوث كارثة إنسانية حتى نعرف ان «هنا بئر».