لقاء بوزارة الصناعة حول تعزيز التكامل الصناعي التونسي العماني    شركة "إيني" الإيطالية تعزز استثماراتها في قطاع المحروقات بتونس    كاس العالم للاندية 2025: مانشستر سيتي الانقليزي يفوز على الوداد المغربي بثنائية نظيفة    النادي الإفريقي: محسن الطرابلسي .. ثاني طبيب سيترأس الفريق    ملتقى تونس الدولي لبرا العاب القوى: ياسين الغربي يحرز ذهبية سباق 400م    بطولة العالم لكرة اليد تحت 21 عاما - المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره السويسري 31-41    طقس الليلة.. خلايا رعدية مصحوبة بأمطار غزيرة بهذه المناطق    معهد باستور: تراجع مبيعات لقاح السل وتوقف بيع الأمصال العلاجية ضد لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وداء الكلب خلال سنة 2024    من جوان وحتّى سبتمبر 2025: الشركة التونسيّة للملاحة تبرمج 149 رحلة بحرية    مدير عام الامتحانات: استكمال إصلاح اختبارات البكالوريا    في الرشقة الأخيرة: إيران تستخدم صواريخ "أسرع من الصوت".. #خبر_عاجل    ترامب: لا أستطيع الجزم بشأن قصف إيران    بنزرت: العثور على جثة طفل ملقاة على الطريق    وزارة الفلاحة تدعو كافّة شركات تجميع الحبوب إلى أخذ كلّ الإحتياطات اللاّزمة والإستعداد الأمثل للتّعامل مع التقلبات الجوية المرتقبة    صفارات الإنذار تدوي في إسرائيل بعد رصد إطلاق صواريخ من إيران    مشاركة اكثر من 500 عارض في النسخة الاولى لمهرجان تونس للرياضة    نابل: مخاوف من تفشي مرض الجلد العقدي ببوعرقوب وإدارة الإنتاج الحيواني تؤكد تلقيح كافة القطيع مع الاستجابة المستمرة للتدخل في حالات الاشتباه    عاجل/ روسيا تحذّر من كارثة نووية وشيكة في الشرق الأوسط    هيونداي تونس تطلق النسخة الثانية من جولتها الوطنية المخصصة للنقل الجماعي    مكتب نتنياهو يعلن حصيلة أضرار الصواريخ الإيرانية وأعداد النازحين حتى اليوم    عاجل: ''الضمان الاجتماعي''يُكذّب منحة ال700 دينار ويُحذّر من روابط وهمية    وزارة الداخلية: تنفيذ 98 قرارا في مجال تراتيب البناء ببلدية تونس    عاجل/ وفاة أب وابنته غرقا والبحث جارٍ عن ابنته المفقودة    بداية من الغد/ أكثر من 33 ألف تلميذ يجتازون مناظرة "النوفيام"..    الموسيقى لغة العالم ، شعار الاحتفال بعيد الموسيقى    الكاف: اليوم انطلاق توزيع مادتي القمح الصلب والقمح اللين المجمّعة على المطاحن (المدير الجهوي لديوان الحبوب)    18 اعتداء ضد الصحفيين خلال شهر ماي..    عاجل: وزارة الشباب والرياضة تفتح باب الترشح لانتداب أساتذة ومعلمين لسنة 2025... تعرّف على الروابط وطريقة التسجيل    خامنئي: الكيان الصهيوني ارتكب خطأ فادحا وسيلقى جزاء عمله    عاجل/ تطورات جديدة في قضية مقتل المحامية منجية المناعي..    عرفها التونسيون في قناة نسمة: كوثر بودرّاجة حيّة تُرزق    عاجل : انتداب جديد في النادي الافريقي    عجز ميزان الطاقة الاولية لتونس يرتفع بنسبة 10 بالمائة مع موفى أفريل 2025    عاجل - يهم التونسيين المقبلين على الزواج : وزارة الصحة تصدر بلاغا هاما    الحماية المدنية تتدخل لإخماد 198 حريقاً خلال 24 ساعة فقط    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    علاء بن عمارة يصل إلى تونس    هام/ هذه أسعار السيارات الشعبية في تونس لسنة 2025..    بطولة برلين للتنس: "أنس جابر" تواجه اليوم المصنفة الخامسة عالميا    المنستير تتقدم: زيادة في الإقبال السياحي وتطوير مستمر للخدمات    عاجل/ آخر مستجدات أخبار قافلة الصمود..    تونس تتسلم دفعة تضم 111 حافلة جديدة مصنعة في الصين    خامنئي يعلن بداية المعركة.. ويدعو للرد بقوة على إسرائيل    كأس العالم للأندية 2025 : صن داونز الجنوب أفريقي يهزم أولسان هيونداي الكوري 1-صفر    3'' حاجات'' لا تخرج من المنزل بدونها فى الطقس الحار    علاش يلسعك إنت بالذات؟ 5 أسباب تخليك ''هدف مفضل'' للناموس!    عاجل/ اضراب بيوم في "الستاغ"..    انخفاض في درجات الحرارة... وهذه المناطق مهددة بالأمطار    كأس العالم للأندية 2025 : فوز ريفر بلايت الأرجنتيني على أوراوا ريدز الياباني 3-1    نسبة امتلاء السدود بلغت حاليا 55 بالمائة    ضاحية مونمارتر تحتضن معرض فني مشترك بين فنانة تونسية وفنانة مالية    اصدارات جديدة لليافعين والاطفال بقلم محمود حرشاني    حياتي في الصحافة من الهواية الى الاحتراف    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المناضل علي بن عمار عبد الكريم: قاد النشاط الكشفي بالمطوية خلال الفترة الاستعمارية
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

دأبت هيئة مهرجان العين الوطني للتنمية والثقافة بالمطوية سنويا على التعريف بأمجاد واسهامات الوطنيين، ودورهم في تحرير الوطن من الاستعمار الفرنسي.
وتحمل شخصية الدورة التاسعة عشرة لمهرجان اسم الفقيد علي بن عمار عبد الكريم اعتمادا على كتيب أعده الاستاذ البشير الرقيقي يكشف فيه دور القائد القيد في نجاح مسيرة المنظمة الكشفية منذ ظهورها للمرة الاولى في المطوية وذلك من خلال بث الوعي الوطني، وتقديم خدمات خيرية، واجتماعية تعتبر رافدا من روافد النضال الوطني ضد الاستعمار.
**دور طلائعي
يعود تاريخ الانطلاقة الفعلية للنشاط الجمعياتي في ربوع المطوية الى فترة ما قبل الاستقلال والمتأمل في نشاط الجمعيات وقتئذ أنه لم يكن محاطا بإطار قانوني منظم فاندفاع المطاوة للعمل الخيري وحبهم لبعضهم ولمن عاشرهم باخلاص ونية صادقة جعلهم لا يترددون في تقديم العون والمساعدة لمن يستحقها فظهرت جمعية الشبان المسلمين والكشافة الاسلامية التونسية والشبيبة الدستورية وغيرها من الجمعيات المماثلة اضافة الى بروز عدة حركات وطنية ويهدف جل نشاطها الى نشر الوعي الوطني في صفوف المواطنين ومقاومة المستعمر والذود عن حرمة الوطن بمختلف الطرق والوسائل وتعد الكشافة احدى المنظمات الرائدة في اعداد الشباب الواعد للحياة العامة فجل المقاومين يتربون منذ نشأتهم على التشبع بالروح الوطنية بفضل انخراطهم في أنشطة الشبيبة الدستورية والفرق الكشفية التي كانت رائجة بالمطوية.
ومن بين البارزين في العمل الكشفي بالمطوية منذ انطلاقته الاولى المرحوم علي بن عبد الكريم، ويقول الأستاذ البشير الرقيقي عن الفقيد: «عرفت الفقيد علي بن عبد الكريم من خلال تردده على متجر والدي التيجاني بن ابراهيم أو مقهى الحاج سعيد الحسومي عند مساء كل يوم جمعة اثر انقضاء صلاة العصر، كان شغوفا كثيرا بالقراءة فأثناء تواجده داخل الجامع يحرص على قراءة القرآن او مراجعة كتب تفسير الأحاديث النبوية الشريفة وخارج هذا الفضاء الديني وخلال أوقات فراغه فان جريدة الصباح اليومية أو احدى الدوريات من مجلات أسبوعية أو شهرية كمجلة العربي او الهلال لا تفارق يديه بالمرة بغية متابعة آخر المستجدات السياسية وغيرها على المستوى الوطني والعربي والدولي. وكثيرا ما يكون مجلسه حلقة حوار ونقاش تلقائي حول أهم القضايا الوطنية او العربية الراهنة فكان يتمتع بثقافة محترمة تعكس إلمامه بعديد القضايا الوطنية والعربية الراهنة والمسائل الدينية وغيرها، كما تكتشف في حديثه صدق المشاعر وصراحة القول فتمكنه من خوض المسألة بكل حنكة واقتدار على اقناع الآخر يثير في نفس كل جليس حوله الرغبة في المشاركة والمساهمة في إثراء الحديث بإبداء الرأي وتقديم الاضافة او طلب الاستفسار عما غمض فهمه. ومن خصاله المواظبة على أداء الصلاة والاستقامة والجدية وعدم الانسياق وراء تصرفات بعض الشباب كالتدخين مثلا. كان الفقيد مهابا بين أفراد أسرته الموسعة وبين من عاشره عن قرب لا خوفا منه ولكن محبة فيه واحتراما لشخصيته القوية فهو محل احترام وتقدير بين الجميع ورغم صغر سنه كان كثيرا ما يدير شؤون العائلة بحنكة وحكمة لا تتوفر عند أمثاله من الشباب.
لقد تميز الفقيد عن بقية أقرانه بوطنية صادقة وثقافة عامة، فكان يناقش عن دراية واضحة وإيمان راسخ ويتحاور مع اصدقائه وغيرهم ممن أنس صحبتهم بكل جرأة وصراحة حول العديد من القضايا والمجالات ذات المواقف الحرجة والصعبة».
**نسبه ومولده
هو علي ابن الحاج عبد الكريم ويعود نسبه الى عرش «الروابح» بالمطوية وأمه منا بنت ابراهيم بن رمضان وأبوها عمار بن الحاج عبد الكريم بن بلقاسم شوشان، ولد والده حوالي سنة 1880 وهو أكبر اخوته الثلاثة حمد وعبد الله وبلقاسم. وأنجب والده عمار سبعة أبناء منهم أربعة ذكور هم احمد والهادي وعلي وأنور وأربع بنات هن حليمة وأم السعد والسمحة وزهيرة.
ولد علي بن عبد الكريم يوم 18 ماي 1921 وكأغلب بقية أبناء قريته عزم على النهل من ينابيع اللغة والفقه والتحق بكتاب جامع «المراشدة» حيث تعلم على يد المؤدب ابراهيم بن رمضان أصول الفقه وحفظ القرآن والتشبع بالمبادئ الاسلامية.
**علمه وحرفته وزواجه
ومواصلة لمقاومة الجهل بمزيد الارتواء من معارف اللغة والعلم انضم الى صفوف تلاميذ المدرسة الابتدائية العربية والفرنسية (المكتب سابقا ومدرسة شارع بورقيبة حاليا) بالمطوية يوم غرة جانفي 1927 ليتوج مشواره الدراسي بنيل الشهادة الابتدائية سنة 1936 فكان عدد الناجحين في هذه الدورة يضاهي عدد المترشحين فالى جانب علي عبد الكريم نجح كل من المبروك بن علي بن ابراهيم والمختار بالشيخ والهادي الطرابلسي وصالح بن سمير.
وفي نفس السنة غادر المطوية ليلتحق بأبيه عمار وأخويه أحمد والهادي في سوق الاربعاء (جندوبة)، وحرصا من أخيه أحمد على مواصلة السير في درب المعرفة والعلم حثه على ارتياد احدى المنارات التعليمية الرائدة بتونس العاصمة وهي جامعة الزيتونة فأبى الفقيد الاستجابة لطلب شقيقه وتكررت المحاولات لاقناعه بضرورة تلبية مطلبه لكن احمد لم يفلح في تحقيق حلم العائلة الذي يكمن في وصول أحد أفرادها الى مراتب علمية مرموقة، وفي رواية اخرى استقيناها من السيد المبروك بن عبد الله عبد الكريم تفيد بأن شقيق ا لفقيد اصطحبه من سوق الاربعاء الى العاصمة للالتحاق بمقاعد الدراسة لكن المدرسة المقصودة في هذه المرة كانت مدرسة الصادقية ولظروف ما لم يوفق أخوه أحمد في تمكين علي من تسجيل اسمه بهذه المؤسسة.
عاد الفقيد علي عبد الكريم صحبة أخيه من العاصمة الى سوق الاربعاء ليتفرغ كليا الى العمل التجاري دون تفكير مرة أخرى في مواصلة التعليم الثانوي فانضم الى مؤسسات عمار وابنائه التجارية لبيع المواد الغذائية والحبوب والاقمشة.
وتزوج علي عبد الكريم بمبروكة بنت حسن الحاج حميدة فأنجب منها احدى عشرة طفلا منهم ستة ذكور هم، عبد الكريم عزام، صلاح الدين، محمد، توفيق، مصطفى، طه وخمس اناث هن: خديجة، مريم، سامية، نجوى، نزيهة.
**نشاطه الكشفي
وكان الفقيد يتردد على المطوية خلال الفترة الصيفية او في المناسبات العائلية لزيارة الاهل والالتقاء بالاصدقاء كما تشكل هذه العودة المؤقتة فرصة لتجديد الصلة مع الانشطة الكشفية وغيرها داخل القرية، وخلال أواخر الاربعينات وتحديدا سنة 1948 عزم المربي الفاضل البشير الحمداني الناجح نظرا لتمرسه في النشاط الكشفي بتونس العاصمة صحبة مجموعة من شباب قرية المطوية على بعث فوج للكشافة تبنته الكشافة الاسلامية التونسية ونذكر من بين المنتمين لهيئة الفوج الى جانب البشير الحمداني، علي بن الصادق بوعين (شهر بوشليقة) وعلي عبد الكريم.
هذه المنظمة الكشفية التي تعد زينة النوادي وبهجة الارياف مكنت الفقيد علي عبد الكريم من تحقيق رغبته الوطنية الرامية الى تكوين شباب قادر على الوقوف ضد المحتل الفرنسي وتحمل المسؤولية اثر حصول تونس على استقلالها وكان للفقيد أنشطة اجتماعية وكشفية هامة منذ انخراطه في العمل الوطني والكشفي ليصبح بذلك أحد رواده في المطوية.
كما انخرط الفقيد في الحزب الحر الدستوري التونسي وكان رئيسا لهيئة الشعبة الدستورية في دورة 6768.
**اعتقاله ووفاته
قبض على الفقيد من طرف بوليس قابس خلال الخمسينات بتهمة استخدام متفجرات واطلاق النار من بندقية كانت على ملك اخيه الهادي وبقي رهين الاعتقال مدة ثلاثة أيام تحت حراسة مشددة عليه، وخلال فترة احتجازه نال ألوانا من التعذيب والضرب كما خضع منزل العائلة للتفتيش بحثا عن السلاح، وعندما تبين ان التهمة مدبرة تم اطلاق سراحه.
وتوفي علي عبد الكريم يوم 25 مارس 2001 ودفن بمقبرة القرية وقد حضر جنازته جمع كبير من أهالي المطوية ومن داخل الجهة وخارجها وخاصة من كانت تربطهم مع الفقيد علاقة مهنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.