شهر رمضان هو شهر الرحمة تتعدّد فيه مظاهر التضامن والتآزر بين الناس في الجهة الواحدة وعلى مستوى البلاد بصفة عامة وإن تختلف مظاهر وآليات هذا التضامن فإنها تتحد في الجوهر والهدف وهو التعاون وعدم الشعور بالاحتياج في شهر الرحمة والدين. من مظاهر هذا التضامن في جربة أجيم في شهر الصيام وهي عادة قديمة دأب عليها الأهالي منذ سنين قديمة يطلق عليها اسم «الدّالة» وانطلاقا من التسمية التي تهدف إلى تتالي الأدوار وتتمثل هذه العملية في إقامة مأدبة إفطار على شرف جميع أفراد العائلة الموسعة، ليالي رمضان مقسّمة على العائلات والجميع يعلم أن هذه الليلة «دالة» فلان وغدا «دالة» فلتان. خلال هذه المأدبة يتجند الجميع لإعداد وجبة الإفطار التي تتكون أساسا وحسب العادة القديمة من «العصيدة بالمعقود» وإن كانت كلمة العصيدة معروفة فإن «المعقود» فهو حساء من أهم مكوناته «الزبيب» لذلك يكون هذا الحساء حلوا. أما خلال السهرية فتكون الفطائر حاضرة وبكثافة لتكون آخر الوجبات في السحور «العصيدة بزيت الزيتون». إلى يومنا هذا تحرص العائلات على إحياء «دالة الأجداد» وفي موعدها القار كما تعمل على إعداد القليل من «العصيدة بالمعقود» للذكرى فقط كما يقتصر الاستدعاء على المقربين من الأحباب لتكون الموائد متنوعة على غرار الموائد المتعارف عليها أيامنا هذه. كما يتمّ خلال هذه المناسبات استدعاء الصائمين ا لجدد من الأقارب ومن القاطنين في نفس الحي لتناول الإفطار كما يتم تقديم الهدايا من اللباس والنقود على هؤلاء الصائمين الجدد لتشجيعهم والاحتفاء بهم. الاستعداد للعيد «رمضان البارح والعيد اليوم» هي مقولة كبرنا ونحن نسمع الجميع يرددها ورغم بساطة عباراتها فهي عميقة في معناها لما لها من دلالات كثيرة. في جربة أجيم تنطلق الاستعدادات ليوم العيد انطلاقا من بداية النصف الثاني لشهر رمضان وذلك بشراء السمك المناسب واللازم لإعداد الشرمولة. والشرمولة بجربة أجيم وإن تتشابه مع «شرمولة» بعض المناطق الأخرى مثل صفاقس وجرجيس فإن لها خصوصيات تختلف بها عن باقي المناطق من حيث الطعم وطريقة التقديم الشرمولة في صفاقس تكون «مالحة» في حين الشرمولة بجربة أجيم تكون «حلوة» دون أن ننسى في جربة أجيم أن تتناول الشرمولة إضافة إلى السمك بالكسرى الصفراء التي يعدها الأهالي مسبقا وهي جزء لا يتجزأ من شرمولة العيد وتعوض الخبز يوم العيد. هذا الجانب التقليدي الذي ظل المتساكنون أوفياء له في الاحتفال بيوم عيد الفطر المبارك على طول السنين دون أن ننسى تواجد الجانب العصري والمتمثل في إعداد الحلويات والمرطبات الخاصة بعيد الفطر على غرار العديد من مناطق الجمهورية.