مسجد سيدي إدريس من أقدم المساجد بقابس يرجع تاريخه إلى القرن 7 هجري في عهد دولة الموحدين ووقعت إعادة بنائه وتوسعته في عهد المراديين ولا يزال هذا المسجد محافظا على حالته إلى حد اليوم ويعد الوحيد بالجهة الذي بقي بناؤه القديم كما هو بالرغم من ترميمه أكثر من مرة. معلم مسجد سيدي إدريس من المعالم التي بنيت في ڤابس في جارّة الدخلانية (بلد) ويمثّل مرحلتين من تاريخه. المرحلة الأولى بني بها المسجد الأول في عهد دولة الموحدين منذ القرن السابع للهجرة كما ذكرنا أي منذ تولّى أبو زكرياء الحفصي ولاية قابس باسم الموحدين وهذا المسجد يقع في الساحة الثانية التي يليها المسجد الحالي وبقي منه الأقواص الممتدة من الجهة الغربية والشرقية والجنوبية إذ تهدّم هذا المسجد وبقي البعض منه أما المسجد الحالي فهو المسجد المرادي الذي بني في عهد المراديين وهي المرحلة الثانية. الجامع الحالي الذي يرى على شاشة تلفزة تونس7 في أغلب أذان الصلوات ويشار إليه باسم جامع قابس القديم برسومه وأعمدته وكتاباته فوق الأبواب والشبابيك والتي تشير إلى أنه قد بني في عهد المراديين من طرف بنائين من ڤابس وهما الحاج عمر بن ابراهيم بن زايد الڤابسي والشيخ عبد الله بن الشيخ عبد القادر التلمودي ومن صفاقس المعلم عبد الحميد بن المعلم الحاج محمد المنيف الصفاقسي والمعلم أحمد المنيف الصفاقسي. الثابت أن جامع سيدي إدريس معلم قديم جدّا في ڤابس ويبدو حسب المصادر المتاحة ومؤرخي الجهة أن بناءه تم بحجارة «المدينة» (الموجودة تاريخيا حول جامع سيدي أبي لبابة الأنصاري) بعد هجرة أهلها وخرابها لأسباب اختلف الرواة في تحديدها فمن قائل إن ذلك كان بسبب الوباء الذي أصاب أهلها أو بسبب الهجمات والزحف المتتالي عليها أو بسبب الزلازل إلى غير ذلك من الأخبار المتواترة في قابس. وما يؤكد بناء الجامع بحجارة المدينة حسب المؤرخ بلقاسم بن محمد بن جراد كونها لا تختلف عن الحجارة التي بنيت بها منطقة المنزل وجارة الدخلانية وشنني القديمة التي تأكد نقلها من المدينة. كذلك فإن شكل الأعمدة المتواجدة بالجامع الحالي وبالأساطين داخل المسجد مختلفة الأطوار والأنواع من فينيقية ورومانية وبيزنطية وإسلامية وهي تمثل دون شك الأطوار التاريخية التي مرت بها قابس عبر تاريخها الطويل والتي تجمعت في المدينة المهدمة.