سخرية من قوات الاحتلال بعد ظهور "أبو شجاع" حيا في طولكرم    أراوخو يكشف عن آخر تطورات أزمته مع غوندوغان    الجزائر.. القضاء على إره.ابي واسترجاع سلاح من نوع "كلاشنكوف"    البطولة الأفريقية للأندية الحائزة على الكأس في كرة اليد.. الترجي يفوز على شبيبة الأبيار الجزائري    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    جربة.. الإطاحة بمنظم عمليات "حرقة"    هذه أبرز مخرجات الاجتماع التشاوري الأول بين رؤساء تونس والجزائر وليبيا    بيان أشغال الاجتماع التشاوري الأوّل بين تونس والجزائر وليبيا    تغييرات مرتقبة في التركيبة العمرية    هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اعتقل 8425 فلسطينيًا في الضفة الغربية    مذكّرات سياسي في «الشروق» (1)...وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم .. الخارجية التونسية... لا شرقية ولا غربية    المنستير.. الاحتفاظ بمدير مدرسة إعدادية وفتح بحث ضده بشبهة التحرش الجنسي    بوعرقوب.. عصابة سرقة الاسلاك النحاسية في قبضة الحرس الوطني    بنزرت: غلق حركة المرور بالجسر المتحرك في الساعات الأولى من يوم الثلاثاء    الحشاني يشرف على جلسة عمل وزارية بخصوص مشروع بطاقة التعريف وجواز السفر البيومتريين    بداية من يوم غد: أمطار غزيرة وانخفاض في درجات الحرارة    الإعلان عن تأسيس المجمع المهني للصناعة السينمائية لمنظمة الأعراف "كونكت"    مدنين: العثور على 4700 حبّة مخدّرة وسط الكثبان الرملية بالصحراء    استلام مشروع تركيز شبكة السوائل الطبية لوحدة العناية المركزة بقسم الأمراض الصدرية بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر    عطلة طارئة في ليبيا تحسّبا لمنخفض جوي مرتقب    قفصة: الإطاحة بشخص محل 10 مناشير تفتيش    تونس: وفاة 4 أطفال بسبب عدم توفّر الحليب الخاص بهم    بن عروس : 6 تنابيه لمخابز بسبب إخلالات تتعلق بشروط حفظ الصحة    وزير الشؤون الاجتماعية يُعلن عن بعث إقليم طبي بالقصرين ..التفاصيل    اختتام عيد الرعاة في معهد اللغات بالمكنين: الإسبانية فارڨا تقدم "غناية سمامة"    وصول محمد الكوكي الى تونس فهل يكون المدرب الجديد للسي اس اس    الكاف: تقدم مشروع بناء سد ملاق العلوي بنسبة 84 %    باجة: انطلاق الاستعدادات لموسم الحصاد وسط توقعات بإنتاج متوسط نتيجة تضرّر 35 بالمائة من مساحات الحبوب بالجهة    تحذير هام/ بيض مهرّب من الجزائر يحمل هذا المرض!!    أيام 25 و26 أفريل: إضراب متوقّع في قطاع المحروقات    بعد ترشّحها لانتخابات جامعة كرة القدم: انهاء مهام رئيسة الرابطة النسائية لكرة اليد    دورة مدريد للتنس : انس جابر تفتتح مشاركتها بملاقاة الامريكية كينين او السلوفاكية سمليدوفا في الدور الثاني    غوارديولا : لاعبو سيتي يعدون أنفسهم للمهام المقبلة    تقرير: شروط المؤسسات المالية الدولية تقوض أنظمة الأمان الاجتماعي    حليب أطفال متّهم بتدمير صحة الأطفال في الدول الفقيرة    تكريم هند صبري في مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة    جهود لمجابهته.. كلفة التغير المناخي تصل سنويا الى 5.6 مليارات دينار    عاجل/ سيشمل هذه المناطق: تقلبات منتظرة ومنخفض جوي بداية هذا التاريخ..    بسبب عاصفة مُنتظرة: عطلة بيومين في ليبيا    عرض فرجوي بإعدادية القلعة الخصبة دعما للقضية الفلسطينية    ائتلاف صمود يدعو الى إطلاق سراح السياسيين المترشحين للرئاسية..    الرابطة الأولى: تعيينات منافسات الجولة الخامسة لمرحلة التتويج    رئيس غرفة القصّابين عن أسعار علّوش العيد: ''600 دينار تجيب دندونة مش علّوش''    طبرقة: حجز كمية من مادة المرجان لدى إمرأة    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس    وزارة الدفاع الوطني تعرض أحدث إصداراتها في مجال التراث العسكري بمعرض تونس الدولي للكتاب    وزارة الدفاع الوطني تشارك في الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    وزارة التربية: ظاهرة العنف مُتفشية أكثر في المدن الكبرى على غرار تونس الكبرى وصفاقس وسوسة والمنستير    حريق بمحل لبيع البنزين المهرب بقفصة..وهذه التفاصيل..    هاليب تنسحب من بطولة مدريد المفتوحة للتنس    هي الأولى منذ 12 عاما: أردوغان يبدأ زيارة رسمية للعراق    لأقصى استفادة.. أفضل وقت لتناول الفيتامينات خلال اليوم    في سابقة غريبة: رصد حالة إصابة بكورونا استمرت 613 يوماً..!    الكشف عن مستودع عشوائي معد لصنع وتعليب مواد التنظيف بهذه الجهة..    أولا وأخيرا..الكل ضد الكل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    هند صبري: سعيدة بتكريمي وتكريم المرأة التونسية في مهرجان أسوان الدولي    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اجواء روحانية في الجامع الكبير فى القيروان في العشر الاواخر من شهر رمضان المبارك
نشر في الفجر نيوز يوم 21 - 09 - 2008

تونس جمال النويف - 21 - 9 08(كونا)الفجرنيوز: في العشر الاواخر من رمضان المبارك يمكن ان يكون اداء الصلاة بالجامع الكبير في مدينة القيروان باجوائه الروحانية رحلة تسافر بك الى زمن اخر مشمول بهالة من القدسية والخشوع.
ومن يزر تلك المدينة في الشهر الكريم فلابد أن يعيش تجربة ساحرة تلفحه بعبق ازمان كان لعبارة الله اكبر فيها وقع مختلف على الاحشاء والاوردة قبل الاسماع والافئدة.
وتشكل مدينة القيروان بقيمتها الثقافية والدينية والسياسية المدينة الاعرق في المغرب العربي كمركز فتح اسلامي نحو أوروبا عبر الجنوب الايطالي وجزيرة صقلية لتصبح المدينة شموخ ماض يتحدى الزمن.
وعند مشاهدة الجامع الكبير مسجد عقبة بن نافع المبني بصخور ضخمة تنفح بالقدم تتملكك رغبة عارمة بقراءة التاريخ عبر سوره الخارجي الطويل قبل ان تختار الولوج الى صحن المسجد الداخلي عبر احد ابوابه الاربعة.
ويقول المؤرخون ان عقبة بن نافع مؤسس مدينة القيروان سنة 50 بعد الهجرة (670 ميلادية) هو الذي وضع مخطط المسجد الذي حمل اسمه لاحقا لكنه اصغر حجما من المسجد الحالي.
وفي الاصل اقيمت القيروان كثكنة عسكرية كما يدل اليه اسمها (كلمة فارسية بمعنى الكثرة من الناس او الجيش) ثم تحولت المدينة بعد اعمال توسعة في اعوام 743 و774 و836 للميلاد الى اول عواصم الاسلام في المغرب العربي.
وحسب ما يذكره علماء الاثار فان المدينة شهدت اصلاحات واعمال ترميم اخرى في السنوات 862 و1025 و1294 و1618 وفي اواخر القرن الماضي ايضا.
كما شهد جامع عقبة الذي يعد اقدم مسجد في المغرب العربي اعمال ترميم عبر قرون متواصلة استكملت في وقت قريب اذ تركزت على المئذنة ذات الشكل الهندسي الخاص الذي يرتفع فوق ثلاثة مربعات مركبة تنتهي عند القمة في شكل نصف دائري.
فخلال ال200 عام التالية لبنائه جدد ورمم خمس مرات بداية من حسان بن النعمان الغساني الذي هدمه (دون مس المحراب) عام 80 هجرية ثم أعاد بناءه بعد أن زاد في أروقة الجامع وقوى بنيانه.
ثم تبعها توسعات في عام 105 هجرية (في زمن الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك) على يد والي القيروان بشر بن صفران الذي بنى في صحن المسجد حوض الماء كما بنى مئذنة للمسجد في منتصف جداره الشمالي على بئر تعرف ببئر الجنان وبعد ذلك بنصف قرن قام يزيد بن حاتم (في زمن الخليفة العباسي ابي جعفر المنصور) باصلاح وتجديد زخارف المسجد
- وفي عام 221 هجرية أخذ ثاني الأمراء الأغالبة زيادة الله بن الأغلب في هدم أجزاء كثيرة من المسجد ثم أقامها من جديد بعد أن رفعها عما كانت عليه واقام على اسطوانة المحراب قبة زخرفها وجعلها لوحات رخامية مع محراب جديد من الرخام الأبيض المخرم تنظر من خلاله على محراب عقبة الأساسي.
ورفع في مكان الصلاة في مسجد عقبة بن نافع 414 عمودا من الرخام تحمل عقود أروقته السبعة عشر أما العمودان الحمراوان اللذان كانا زينة مسجد يزيد بن حاتم فقد وضعا أمام المحراب وما زالا باقيين إلى اليوم. وفي عام 441 هجرية أعاد المعز بن باديس تجديد المسجد وترميمه اذ صنع له المقصورة الخشبية التي لا تزال منصوبة الى اليوم بجوار المحراب.
كما طالت اعمال الترميم قنوات تجميع المياه في الصحن الفسيح التي مازالت تحافظ على نظامها القديم الا ان اهم الترميمات تلك التي اجريت خلال القرن العشرين على الهيكل الخارجي في الفترة بين 1970 و1972 بمناسبة الاحتفال بمرور 13 قرنا على تاسيسه.
ثم تبعها ترميمات اخرى بمساعدة اليونيسكو والتي صنفت مسجد القيروان ضمن التراث الحضاري العالمي في الفترة من 1986 الى 1992 وشملت قاعة الصلاة والمئذنة والفناء الداخلي.
الا ان مسجد عقبة بن نافع لايزال الى اليوم محتفظا بمقاييسه الأولى التي كان عليها في زمن الاغالبة إذ يبلغ طوله 126 مترا وعرضه 77 مترا بينما يصل طول بيت الصلاة فيه 70 مترا وعرضه حوالي 38 مترا وصحنه المكشوف الواسع الفسيح يتجاوز طوله 67 وعرضه 56 مترا.
ويتميز الجامع بمئذنته الفريدة التي تعتبر من نوادر المآذن وأجملها بل إن المآذن التي بنيت بعدها في المغرب اقتدت بها كمئذنة جامع صفاقس ومآذن جوامع تلمسان واغادير والرباط والقرويين فضلا عن مآذن بعض المساجد في الشرق كمئذنة مسجد الجيوشي في مصر.
وتتكون هذه المئذنة من ثلاث طبقات مربعة الشكل إلا أن الطبقة الثانية أصغر من الأولى والثالثة أصغر من الثانية وتعتلي هذه الطبقات الثلاث التي يصل ارتفاعها الكلي الى 3ر5 متر قبة يخيل لناظرها انها برج ضخم
- وتقع هذه المئذنة في الحائط المقابل لجدار القبلة آخر الصحن المكشوف بنيت بقطع حجرية ضخمة مصقولة واخرى حجرية مستطيلة الشكل كما لها فتحات تظهر ضيقة من الخارج متسعة من الداخل للانارة والتهوية وتعلوها من الخارج عقود تشبه حدوة الفرس لتخفيف الضغط.
ويرى بعض الاختصاصيين أن هذه المنارة الضخمة لم تبن دفعة واحدة بل إن الجزء الأول منها (وهو الأضخم) بني في عهد هشام بن عبد الملك ثم بعد فترة طويلة بني الجزءان الثاني والثالث فوق تلك القاعدة الضخمة.
وفي مسجد عقبة ست قباب تجلت فيها قدرة المعمار الاسلامي على الابداع والزخرفة والنقش الاولى قبة المحراب وهي أقدم قبة في المغرب اجمع والثانية قبة باب البهو على مدخل البلاط الأوسط من جهة الصحن حيث أضفت جمالا وتوازنا على بيت الصلاة حتى أصبح بناء القبتين في بيت الصلاة قاعدة ثابتة في بلاد المغرب.
وهناك قبتان تعلوان مدخل بيت الصلاة شرقا وغربا وخامسة تعلو المجنبة الغربية للمسجد بينما تعلو السادسة البرج الثالث من المئذنة.
وتتزين بعض أجزاء المسجد بزخارف غاية في الأناقة كزخارف المحراب والقبة التي تعلوه فالمحراب تكسوه كتابات كوفية وزخارف نباتية نقشت على الرخام فرغ ما بين رسوماتها ليترك المجال لتسرب الضوء.
كما تضرب الزخارف الهندسية والنباتية للمنبر أروع الأمثلة على الاتقان الذي بلغه المغرب العربي في الحفر على الخشب والتي يقدر الخبراء انها حفرت في عام 248 هجرية.
وتعكس الابواب الرئيسية الاربعة للجامع (الباب الغربي وباب الماء وباب للا ريحانة وباب للا صالحة) رغم التغييرات التي طرأت عليها فنون ولمسات المتعاقبين على حكم المدينة من الامويين والعباسيين والخوارج والادارسة والاغالبة والفاطميين والحفصيين وبني هلال.
ويعد باب للا صالحة اجمل ابواب الجامع كما يقف باب قاعة الصلاة الكبرى باتساعه وزخرفته شاهدا فريدا على اصالة فن العمارة الاسلامية.
ورغم هذا الاتقان والابداع الا ان المشكلة الكبرى التي واجهت عقبة وأصحابه وولدت الجدل بينهم حسب ما يروى كانت تحديد القبلة بشكل دقيق في وقت لم تتوفر فيه الوسائل المرشدة اليها ما جعله يتريث قبل اقامة جدران ذلك المسجد الذي سيكون نموذجا لمساجد المغرب الاسلامي فيما بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.