قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَصَدَّقَ مِنْ طَيِّبٍ تَقَبَّلَهَا اللَّهُ مِنْهُ وَأَخَذَهَا بِيَمِينِهِ وَرَبَّاهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ مُهْرَهُ أَوْ فَصِيلَهُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَصَدَّقُ بِاللُّقْمَةِ فَتَرْبُو فِي يَدِ اللَّهِ أَوْ قَالَ فِي كَفِّ اللَّهِ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ فَتَصَدَّقُوا).رواه أحمد بن حنبل في مسنده. حديث صحيح هذا الحديث النبوي هو واحد من جملة أحاديث نبوية أخرى تحثّ على التصدق والإنفاق. حيث يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم وبأسلوبه الشيق والسهل أن الإنسان إذا تصدق من طيّب ماله يتقبلها منه الله عزّ وجلّ فيربي تلك الصدقة أي بمعنى ينميها ويبارك فيها مثلما يرعى أحدهم مهره(ولد الفرس) أو فصيله (ولد الناقة) فينمو ويكبر شيئا فشيئا بل قد يكون أجر تلك الصدقة كبيرا جدا إلى حدّ تشبيه النبي له بالجبل. ما يمكن استنتاجه من هذا الجزء من الحديث أن النبي قد بيّن حقيقة هامة ألا وهي أن الله لا يقبل من عبده إلآ ما كان حلالا طيبا لأنه طيب لا يقبل إلا طيبا ولأنه أمر بالحلال ونهى عن الحرام، فلا يتقرب إليه بالصدقات المشبوهة والمتأتية من مال حرام أو نشاطات محرّمة، فدرهم من حلال أفضل عند الله من دينار من حرام. ثمّ إن سياق هذا الحديث يدخل في باب الحض على الإنفاق كما أوضحنا في بداية هذا المقال {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} (الحديد:7) كما يتنزل في باب حثّ الإسلام على التراحم والتضامن بين مختلف أفراد المجتمع فهم كالجسد الواحد إن اشتكى منه عضو تداعى له بقية الجسد بالسهر والحمى فلا مكان للأنانية المفرطة ولا للفردية المتطرفة في المجتمع الإسلامي ولذا حارب الإسلام الشحّ وحذّر منه واعتبره سيئة من السيئات {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(الحشر9) وشجّع على الإنفاق وبذل المال والتصدق به على الفقراء والمحتاجين خاصة في هذا الشهر المبارك الذي تتضاعف فيه الحسنات ورتّب على هذا العمل الأجر الكبير في الدنيا والآخرة.قال تعالى {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:262).