سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مدير مهرجان الحمامات الدولي المسرحي الأسعد بن عبد اللّه ل«الشروق»: بعنا تذاكر المهرجان في أوروبا عن طريق الانترنات.. والعروض الثقافية لا تعني إهدار المال العام
مهرجان الحمامات الدولي حقق في هذه الدورة الامتياز على أكثر من واجهة وخاصة في مستوى العروض التي أشاد بها الجميع إذ تضمّن البرنامج عروضا من الشرق والغرب في فنون المسرح والموسيقى والسيرك الفني. كما حققت سهراته اقبالا محترما من الجمهور وهو ما يؤكد خصوصية هذا المهرجان التي يستمدّها من تاريخه العريق. كيف يقيّم مديره المسرحي الأسعد بن عبد اللّه هذه الدورة؟ «الشروق» التقته في هذا الحوار: كيف تقيّم كمدير للمهرجان الدورة الأخيرة لمهرجان الحمامات الدولي؟ في الحقيقة قد يكون غيري ربما أحقّ بالتقييم لكن الواجب الذي نقوم به هو الاجتهاد وفق المعطيات التقنية والمالية المتوفرة ولم نقصّر في هذا المستوى. ويبقى الجمهور الذي تابع عروض المهرجان من 13 جويلية الى 21 أوت له رأيه وتقييمه الخاص للمهرجان. لكن بالنسبة لتقييمي كمدير للمهرجان، فإنّي أعتبر الدورة ناجحة الى حدّ كبير سواء في مستوى اقبال الجمهور أو في مستوى مضمونها أو في مستوى الصدى الذي حققته في وسائل الاعلام سواء في تونس أو في الفضاء المغاربي والعربي والمتوسطي. وهذا لم يكن صدفة، بل كان نتيجة مجهود فريق متكامل عمل دون انقطاع حوالي عام تقريبا لاعداد هذه الدورة لأن الاعداد لمهرجان الحمامات الدولي يبدأ مباشرة بعد نهاية الدورة تقريبا. المشاركة التونسية كيف تقيّمها؟ تونس كانت حاضرة في الدورة في عرضي الافتتاح والاختتام وفي المسرح والموسيقى وقد كانت نسبة العروض التونسية 50 بالمائة والنصف الباقي لثقافات العالم وهو الخط الذي عرف به المهرجان منذ بداية تأسيسه في الستينات في المركز الثقافي الدولي بالحمامات والمهرجان هو نافذة على ثقافات العالم وقد حاولنا المحافظة على هذا الاختيار في اطار الخط العام الذي يميّز السياسة التونسية في انفتاحها على العالم. فتونس بلد للحوار والتواصل مع العالم. وفي هذه الدورة قدمنا عروضا من سوريا ولبنان وتركيا وجورجيا وفرنسا وايطاليا وكندا وهولاندا وفلسطين والعراق وبلجيكيا والشيلي وأعتقد أن مهرجان الحمامات الدولي من المهرجانات القليلة في العالم الذي جمع بين كل هذه المراجع الفنيّة الى جانب تنوّع الفنون من الطرب الى البلوز والجاز والأوبرا والموسيقى الكلاسيكية والسيرك والرقص المسرحي والمسرح وهذا ليس جديدا على مهرجان الحمامات المعروف بتنوّع سهراته الفنيّة وبعدها الثقافي. المسرح اختيار من اختيارات المهرجان الى أي حدّ نجح هذا الاختيار؟ بداية من دورة 2008 أصبح المهرجان يقدم عروضا أولى في المسرح وعروضا حصرية في الموسيقى وهو اختيار يتماشى مع عراقة المهرجان وخصوصيته فلا يمكن أن تقدّم مسرحيات قديمة في المهرجان. فهذا لا معنى له في رأيي الشخصي. فالمهرجان كان في ا لسابق ينتج أعمالا خاصة وما دامت الامكانيات لا تسمح بالانتاج الخاص. فلتكن على الأقل عروضا أولى وقد نجحت التجربة وأصبح لها جمهورها. ففي هذه الدورة مثلا قدمنا مجموعة من المسرحيات من أجيال وتجارب مختلفة وكانت كلها عروضا أولى مثل «ابن رشد.. اليوم»، للثلاثي منصف السويسي ومحمد كوكة وعزالدين المدني ومسرحية نعمان حمزة وفوزية ثابت وهما من شباب المسرح التونسي من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي وفرقة الحمامات. فلا بد أن يتواصل المهرجان مع محيطه ومع مدينته الى جانب عروض من العراق والشيلي وفرنسا وفلسطين وهي عروض حصرية يصعب أن تتوفر للجمهور خارج مهرجان مثل الحمامات الذي يبقى المسرح واحدا من أبعاده الأساسية. وفي المسرح أيضا قدمنا أعمالا لكتاب كبار مثل عزالدين المدني وسارتر ومحمود درويش وفيري.. اقبال الجمهور، هل كان في مستوى الانتظار؟ نعم الآن وبعد ثلاث دورات أصبح الجمهور مسألة واضحة بالنسبة لي، مهرجان الحمامات له جمهور خاص يأتي للعروض التي تتماشى معه ومن دورة الى أخرى نحاول أن نصل الى برمجة قريبة من رغبات الجمهور وقد تطوّر اقبال الجمهور كثيرا من دورة الى أخرى وعموما كان الاقبال متميزا في الدورة الحالية وحققنا مداخيل مالية محترمة قياسا بطبيعة الفضاء. فقد نجحنا في بيع التذاكر عبر الانترنات في أوروبا لبعض العروض وهناك من جاء خصيصا الى الحمامات لحضور بعض العروض وهذا نجاح كبير في تقديري للمهرجان لأن الطبيعة الثقافية للمهرجان لا تعني إهدار المال العام أو تقديم عروض بلا أي جدوى مالية. على ذكر الجدوى المالية، كيف كانت موازنة المهرجان المالية؟ المهرجان اقتصر هذه السنة على التمويل العمومي، أعني منحة وزارة الثقافة والمحافظة على التراث والمجلس الجهوي لولاية نابل. فهناك غياب للاستشهار الذي اقتصر على دعم قناة «نسمة» التي كان التعاون معها ممتازا على جميع المستويات فقد كانت المستشهر الوحيد في هذه الدورة والبرنامج اليومي «نسمة الحمامات» صالح المسرح مع المدينة من خلال تغطيته لحياة المدينة والمسرح لا يمكن أن يعيش خارج المدينة. فالمهرجان كأي تظاهرة ثقافية تنظمها الوزارة ليست له غايات ربح مالي بقدر ماهي استثمار في الرأس مال البشري من خلال تعميق القيم الثقافية والجمالية في المجتمع ولكن هذا لا يعني تجاهل ضرورة البحث عن النجاعة الثقافية والمالية وهو ما نجح فيه المهرجان الى حدّ كبير. فقد كانت نسبة مداخيل التذاكر محترمة جدّا وأكثر من السنوات السابقة وهذا شيء يسعد الجميع.