كتبها: عبد الحميد الرياحي يحدث للانسان أن تقذف به رياح صدفة تغذّيها انتهازية واضحة الى واجهة السياسة والصحافة... فيمضي في تصريف العقد... حتى ينتفخ لديه ال«أنا» فيخطئ في حق نفسه وفي حق الآخرين... ويصدّق وهم امتلاك «شيفرة» السياسة و«مفاتيح» الصحافة معا... ولأن آفة الانسان النسيان فإنه سرعان ما يظل الصواب فيتحول وهو «السياسي المحنّك» أو «الصحفي المتمرّس» الى كائن «ديمقراطي جدا» لا مجال لديه لحق الاختلاف أو للرأي الآخر... ولا مجال لأن ينقده أحد... أو يؤاخذه أحد... فهو فوق الخطإ... وفوق تلقي الملاحظات... وفوق المساءلة. ولأن صاحبنا أو صاحبينا من حزب سياسي معارض عريق نحترمه جدا ونحترم كل مناضليه الاصيلين ونحترم قيادته التاريخية فإن المأساة تكبر... لأنه من المفترض بصاحبنا أن يسعى لتوسيع مجالات الجدل والاختلاف في الرأي ومقارعة الرأي بالرأي والفكرة بالفكرة والحجة بالحجة طالما أن الحوار حوار أفكار وطالما أن الغايات بناءة وطالما أن المقامات محفوظة والملاحظات لم تنزل عن حدود الأدب واللياقة. فهل يظن صاحبنا، السياسي وهل يصدق ذلك النكرة الذي طوّع قلمه أنهما يملكان الحقيقة... وأن قيادة الحزب فوق الخطإ، وفوق المساءلة وفوق حتى مجرد تلقي ملاحظات هي في الاصل ملاحظات ودية... كان يمكن أن تخضع للرد إثراء للجدل وتوضيحا للرؤى والمواقف وتحصينا لحق الاختلاف الذي يفترض أن يتجند أمين عام حزب معارض والصحيفة الناطقة باسمه للدفاع عنه... وليس للتجني وكيل التهم الباطلة بعبارات هابطة لا تزيدنا إلا إحباطا لأنها تعرّي لنا عينة سيئة من عقليات وسلوكات بعض «محترفي» السياسة في هذا الحزب المعارض. ليسأل ذلك «السياسي الهمام» نفسه وليسأله ذلك الصحفي الذي تطوّع ل«نصرته» بنفث سمومه لماذا تهافت يومها بذلك الصوت المهزوز لطلب نشر تصريح في صحيفة «الشروق» ولماذا يلهث وراءها لنشر أخباره إذا كانت بذلك الشكل الذي صورته المخيّلة المريضة لمن أوعز ولمن كتب؟... ليسأل ذلك الصحفي «عرفه»، لماذا طلب وألح في الطلب نشر تصريحه وتبيان موقفه و«تبديد» سوء التفاهم الذي عقب تعميم بيان متشنج لو كان مقتنعا أنه على صواب وأنه فوق الخطإ وفوق تلقي الملاحظات حتى ولو كانت وجيهة وبناءة ويفترض ألا تفسد للود قضية. همسة أخيرة الى من تحدثا وكتبا عن صحافة «الريموت كونترول»... جريدة «الشروق» التي يبدو أن نجاحها يزعج «صاحبينا» هي الاولى انتشارا والاكثر إشعاعا داخل تونس وفي الوطن العربي ومصداقيتها ونظافة وشرف أقلامها فوق كل شبهة... نحن لا نريد أن ننزل الى هذا المستوى... ولا نريد أن نتحدث عن حزب «الريموت كونترول»...